إفريقيا في دائرة اهتمام قوى عالمية.. تحركات اقتصادية ودبلوماسية

لاعبون جدد يتنافسون على النفوذ بالقارة السمراء الغنية بالمعادن والثروات

time reading iconدقائق القراءة - 7
رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا يستقبل الرئيس الصيني شي جين بينج لدى وصوله إلى مدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا للمشاركة في قمة بريكس. 22 أغسطس 2023 - REUTERS
رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا يستقبل الرئيس الصيني شي جين بينج لدى وصوله إلى مدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا للمشاركة في قمة بريكس. 22 أغسطس 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

 يتوجه زعماء القارة الإفريقية إلى بكين، الشهر المقبل، لحضور "منتدى التعاون الصيني-الإفريقي 2024" (فوكاك)، والذي لا يعد حدثاً خاصاً بالصين، وإنما "قمة عالمية"، تجذب إليها الأنظار لعقد الشراكات مع قارة غنية بالمعادن والثروات، وفق "فاينانشيال تايمز". 

وخلال العامين الماضيين وحدهما، تمت دعوة رؤساء الدول الإفريقية البالغ عددهم 54 رئيساً بشكل جماعي إلى واشنطن لحضور قمة أميركية إفريقية استضافها الرئيس جو بايدن، وإلى سانت بطرسبرغ لحضور القمة الروسية الإفريقية الثانية مع الرئيس فلاديمير بوتين، وإلى قمة إيطاليا الإفريقية في روما برئاسة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني.

كما حضر الزعماء الأفارقة تجمعات مماثلة في تركيا والسعودية، وفي يونيو الماضي، التأم القادة في كوريا الجنوبية، كما سيسافر العديد منهم إلى يوكوهاما العام المقبل حيث تصبح اليابان أحدث مضيف.

وفي الآونة الأخيرة، تحدث رئيس مالاوي لازاروس تشاكويرا، عن الفرص الدبلوماسية والأمنية والتجارية المتاحة للدول الإفريقية، فقال لمضيفيه خلال زيارة إلى لندن إنه في حين أنه "من الجيد تناول وجبة صينية في بعض الأحيان"، فإن البوفيه المفتوح هو الأفضل.

ومن المؤكد أن الصين ليست الخيار الوحيد على القائمة، فبقياس القروض الموزعة، بلغ الاهتمام الصيني بإفريقيا ذروته في عام 2016 عندما بلغ الإقراض السيادي 28.4 مليار دولار، وفقاً للأرقام التي جمعتها جامعة بوسطن، مقابل إقراض بنحو مليار دولار في عام 2022.

منافسون جدد

ولكن مع تباطؤ الاهتمام من جانب الصين، زاد الاهتمام من جانب العديد من الدول الأخرى، بما في ذلك روسيا والهند والإمارات وتركيا والبرازيل.

ونقلت "فاينانشيال تايمز" أن إفريقيا لا تتصدر عادة أجندة الدبلوماسية العالمية، وخاصة في وقت الصراع في الشرق الأوسط وأوروبا، لكن خبراء يقولون إن العديد من البلدان تشعر بالحاجة إلى تطوير أو تجديد "استراتيجيتها الإفريقية" بسبب النمو السكاني السريع للقارة، وتركيزها العالي على المعادن الحيوية وأصواتها الـ 54 في الأمم المتحدة.

وقال تشيدي أودينكالو، أستاذ في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس، إنه يشعر بالقلق من أن إفريقيا بدلاً من الاستفادة من وجود مقعد على العديد من الطاولات، لا تزال تجد نفسها على القائمة.

وشدد على أن الدول القوية والمسيطرة على القرار الدولي تعتبر أنه من المقبول التفاوض مع جميع زعماء إفريقيا في وقت واحد.

وقال أودينكالو إن معظم البلدان الإفريقية لا تزال حبيسة علاقات تجارية على الطراز الاستعماري، إذ تصدر المواد الخام وتستورد السلع النهائية و"أعتقد أنها قصة الفرص الضائعة".

ولكن في حين لم تتمكن الدول الإفريقية من تعميق علاقاتها التجارية والاستثمارية، فإنها بالتأكيد وسعتها، فقد أصبحت الهند ثالث أكبر شريك تجاري للقارة بعد الاتحاد الأوروبي والصين.

وفي الوقت نفسه، زادت تجارة الإمارات مع إفريقيا بنحو خمسة أضعاف في السنوات العشرين الماضية، ومعظمها من الذهب والماس، لتصبح الدولة رابع أكبر مستثمر في القارة، مع استثمارات تراكمية بلغت نحو 60 مليار دولار في العقد الماضي.

إفريقيا وتحدي الديون

وقال المحلل السياسي الكيني باتريك جاثارا إن أحد مخاطر وجود الكثير من الخيارات هو أن بعض الحكومات الإفريقية، بما في ذلك حكومته، اقترضت أكثر مما ينبغي، فقد تخلفت زامبيا وغانا وإثيوبيا عن سداد ديونها، وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن 25 دولة إفريقية معرضة لخطر كبير من ضائقة الديون. 

وأدت جهود كينيا لتلبية التزاماتها بالقروض من خلال الضغط على شعبها لدفع المزيد من الضرائب إلى اندلاع موجات من الاحتجاجات الجماهيرية في الشوارع، مما أجبر الرئيس وليام روتو على التراجع.

وقال أليكس فاينز، رئيس برنامج إفريقيا في تشاتام هاوس، وهي مؤسسة بحثية بريطانية، إن الدول الإفريقية تحاول "تحديد مصالحها الوطنية بشكل أفضل"، ومثله كمثل أودينكالو، يخشى فاينز من أنهم لا يتمتعون دائما بالقدر الكافي من الدبلوماسيين أو الخدمة المدنية للاستفادة من هذه الميزة. 

وقارن فاينز بين استراتيجية الصداقة مع العديد من الدول ولكن عدم التعامل مع أي منها وبين الموقف الذي اتخذته جيبوتي، التي استأجرت ساحلها على البحر الأحمر لقواعد العديد من القوى المتنافسة، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة وفرنسا واليابان.

أما جنوب إفريقيا، وهي عضو في مجموعة دول البريكس، فقد انتهجت سياسة عدم الانحياز غير المريحة في بعض الأحيان، والتي شهدت قيامها بعمليات بحرية مع روسيا والصين في حين كانت تغازل الاستثمارات من الغرب.

الإرهاب والحروب

وقال كين أوبالو، الأستاذ المشارك في جامعة جورج تاون في واشنطن، إن الاهتمام المفرط بالقارة من جانب اللاعبين الخارجيين ليس دائماً أمراً جيداً، واستشهد كمثال بالحرب في السودان.

وفي أوروبا، وعلى الرغم من الفرص التجارية، غالباً ما يُنظر إلى إفريقيا كمصدر محتمل لعدم الاستقرار والإرهاب والمهاجرين بسبب توقع وصول عدد سكانها إلى 2.5 مليار بحلول عام 2050، والتمردات التابعة لتنظيم "داعش" والقاعدة، والانتفاضات السياسية. 

في هذا الشهر، قطعت مالي والنيجر العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا وسط تصاعد النزاع بشأن ما إذا كانت كييف قدمت الدعم للمتمردين الذين قتلوا جنوداً ماليين ومرتزقة مرتبطين بمجموعة فاجنر العسكرية الروسية الخاصة.

 أعقب الانقلابات في مالي والنيجر وبوركينا فاسو قيام المجالس العسكرية بطرد القوات الفرنسية والأميركية، وإقامة علاقات أوثق مع روسيا وفاجنر.

وفي معظم الحالات، كان التحول مصحوباً بزيادة في العنف، وفقاً لمنظمة "إيكليد" التي تجمع بيانات الصراع، فيما قال فاينز: "تحاول العديد من الدول الإفريقية إيجاد طريق وسط بين كل هذا، وهنا تكمن الصعوبة.. هناك الكثير من سوء التقدير".

تصنيفات

قصص قد تهمك