غزة.. تحذيرات من انتشار أمراض وأوبئة "اختفت منذ قرون"

خبير صحي: "القطاع" يشهد حرباً فيروسية وبكتيرية لم تشهدهما هيروشيما وناجازاكي

time reading iconدقائق القراءة - 6
طفل فلسطيني مصاب بالتهاب في المعدة والأمعاء يتلقى العلاج في أحد المستشفيات وسط تحذير من انتشار الأمراض بين أطفال غزة، رفح، جنوب قطاع غزة. 12 ديسمبر 2023 - REUTERS
طفل فلسطيني مصاب بالتهاب في المعدة والأمعاء يتلقى العلاج في أحد المستشفيات وسط تحذير من انتشار الأمراض بين أطفال غزة، رفح، جنوب قطاع غزة. 12 ديسمبر 2023 - REUTERS
غزة -AWP

80 يوماً من الحرب أعادت تشكيل خريطة الألم والمعاناة في قطاع غزة، ولم يعد سقوط القنابل يومياً على سكانه المشكلة الوحيدة، إذ باتت هناك سلسلة لا تنقطع من الألم والمعاناة.

ففي شمال غزة، يكتشف الناس يومياً جثثاً في الطرقات، بعضها نهشته الكلاب وبعضها تحلل بعدما لم يجد من يدفنه. وفي مراكز الإيواء يتكدس الناس، ومن السهل على من يصاب بمرض معد أن ينقله إلى عدد كبير ممن حوله.

وأشار محمد مشتهى، الذي نزح من شمال قطاع غزة إلى جنوبها إلى نقصٍ حادٍ في المواد الغذائية، معرباً عن اعتقاده بأن انتشار الأمراض وسط كل هذه الظروف "قنبلة موقوتة" من نوع آخر؛ قد تنفجر في أي لحظة.

وقال مشتهى في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP): "منذ نحو شهر لم نأكل إلا الأرز، وما يختلف علينا هو نوعية البهارات التي تضاف للأرز، فنحن لم نر الخضار منذ أكثر من شهر، ولا نعرف الفاكهة، ولم نشاهدها منذ بداية الحرب".

وأضاف: "نشرب مياه الآبار، وهي مياه مالحة غير صالحة للشرب، ونجبر أطفالنا على شربها حتى لا يصابوا بالجفاف، ونحن نعلم أننا نضرهم بسبب كمية الأملاح في هذه المياه".

وأشار إلى أن كثيراً من النازحين لا يستطيعون الحصول على خبز، وإن حدث فالفرد بالكاد يحصل على رغيف واحد صغير عليه توزيعه على ثلاث وجبات، وإذا كان طفلاً، فإن نصيبه لن يزيد عن نصف رغيف في اليوم بأكمله.

"كارثة بيئية وإنسانية"

من جهته، حذّر وليد الباشا أخصائي أمراض المناعة والمحاضر في كلية الطب بجامعة "النجاح" الوطنية (بالضفة الغربية) من أن "كارثة بيئية وإنسانية" تهدد قطاع غزة في ظل الوضع الراهن.

وقال في حديث لوكالة "AWP" إن نقص المناعة وانتشار الأوبئة والأمراض ربما يعيد إلى غزة أمراضاً اختفت منذ قرون، مضيفاً أنها تشهد "حرباً فيروسية وبكتيرية لم تشهدها حتى هيروشيما وناجازاكي"، باليابان عندما تعرضتا لهجوم نووي إبان الحرب العالمية الثانية.

وأضاف: "أتواصل مع أطباء وأشخاص في اليابان يؤكدون أنهم لم يشهدوا ما يعايشه قطاع غزة الآن".

وأوضح أن أمراضاً مثل السل والإنفلونزا الموسمية وكورونا وغيرها تنتشر في غزة بسرعة، بفعل الكثافة السكانية، فسكان القطاع مكدسون في مراكز الإيواء، وهو ما يجعل انتشار الأمراض حتمياً.

ولفت إلى أن عدم توافر الطعوم والأمصال الخاصة بالأطفال يهدد مستقبل الصغار صحياً، محذراً من كارثة صحية أخرى تتمثل في علاج الجرحى، وتقديم خدمات الإسعاف دون تعقيم، وهو ما ينشر أمراضاً تنتقل عن طريق الدم.

وقال الطبيب الفلسطيني إن حجم الكوارث الصحية يزيد بفعل اختلاط مياه الشرب في قطاع غزة بمياه الصرف، وهو ما يهدد بأمراض مثل الكوليرا والتيفوئيد، لافتاً إلى أن انتشار الجثث في شوارع قطاع غزة، وعدم دفنها يخلق أمراضاً جديدة.

ونبّه إلى أن كل هذه الأمراض لن تبقى محصورة في قطاع غزة، وإنما ستنتشر إلى مواقع أخرى خارجه، وبخاصة مع قدوم فصل الشتاء، إذ تقل المناعة بوضوح. 

وشدد الباشا على أن العلاج الدوائي ليس هو الحل، بل الحل في علاج الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الأمراض، مضيفاً: "الوضع مرعب بدرجة لا توصف، وغزة ستكون بؤرة وبائية ومكاناً لانتشار أمراض شهدها التاريخ سابقاً واختفت منذ قرون".

أوبئة الشتاء

ووصف المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني عبد الجليل حنجل الوضع الصحي في غزة بـ"الكارثة"، محذراً من أن "الأمور صعبة للغاية، ولدينا شهادات حية عن عمليات إعدام في الشوارع وجثث في الطرقات، وهذا يسبب انتشاراً للأمراض والأوبئة".

وقال لوكالة "AWP": "تصلنا يومياً مئات المناشدات من عائلات تعيش بلا غذاء ولا ماء، خاصة في مناطق شمال قطاع غزة، وهذا كله حتماً سيسبب الكثير من الأمراض، ويؤدي إلى انتشارها سريعاً بفعل نقص المناعة نتيجة سوء التغذية".

وأشار إلى أمور كثيرة تزيد من فرص انتشار الأمراض وتشكيل "بؤر صحية مرعبة" في قطاع غزة، مثل نقص الوقود والمياه وانعدام الخدمات الإسعافية خاصة في مناطق الشمال، في وقت تفقد فيه مستشفيات الجنوب قدرتها الاستيعابية.

وتابع محذّراً: "نحن أمام خطر شديد جداً لانتشار الأوبئة تزامناً مع البرد وفصل الشتاء".

تحذير أممي

على نحو مماثل، حذّرت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي من انتشار الأمراض والجوع في غزة. وقال المدير العام للمنظمة التابعة للأمم المتحدة تيدروس أدهانوم جيبريسوس عبر منصة التواصل "إكس"، إن الجوع يضعف دفاعاتِ الجسم، ويفتح الباب أمام الأمراض.

وأشار أدهانوم إلى أن حالات الإسهال بين الأطفال دون سن الخامسة تضاعفت 25 مرة عما كانت عليه قبل الحرب، مؤكداً أن مثل هذه الأمراض قد تكون قاتلة للأطفال في ظل سوء التغذية.

وأعلن برنامج الأمم المتحدة للغذاء الأسبوع الماضي أن نصف سكان غزة يتضورون جوعاً، وغالباً ما يقضون أياما كاملة دون طعام. كما أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تحذيراً من أن عدم توفر المياه النظيفة يؤدي إلى وفاة مزيد من الأطفال.

تصنيفات

قصص قد تهمك