تشريع أوروبي "غير مسبوق" لتنظيم الذكاء الاصطناعي وسط مخاوف من "إبطاء التطوير"

شركات التكنولوجيا تحذر من حواجز تفيد المنافسة الأميركية والصينية

time reading iconدقائق القراءة - 5
صورة توضيحية تظهر شعار منصة الذكاء الاصطناعي (ChatGPT). 28 سبتمبر 2023 - REUTERS
صورة توضيحية تظهر شعار منصة الذكاء الاصطناعي (ChatGPT). 28 سبتمبر 2023 - REUTERS
بروكسل -أ ف ب

وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الجمعة، على تشريع وصفته بأنه غير مسبوق على مستوى العالم، لتنظيم الذكاء الاصطناعي بعد مفاوضات مكثفة بشأن التوازن بين حرية الابتكار والحفاظ على الأمن، وسط اتهامات من أوساط شركات التكنولوجيا للقواعد، بالغموض، ومخاوف من إبطاء تطوير التطبيقات.

وأعلن سفراء الدول الـ 27 "بالإجماع" عن الاتفاق السياسي الذي جرى التوصل إليه في ديسمبر الماضي، بين الدول وأعضاء البرلمان الأوروبي، حسبما أعلنت رئاسة الاتحاد.

ويفرض التشريع قواعد على الجميع لضمان جودة البيانات المستخدمة في تطوير الخوارزميات، والتحقق من أنها لا تنتهك تشريعات حقوق النشر، ويلزم المطورين بالتأكد من أن الأصوات، والصور، والنصوص المنتجة "محددة بوضوح على أنها من إنتاج الذكاء الاصطناعي".

ويتضمن التشريع قيوداً معززة على الأنظمة "عالية المخاطر"، مرتبطة خصوصاً بالبنى التحتية الحيوية، والتعليم، والموارد البشرية، والحفاظ على النظام، والتي يفرض التشريع إخضاعها لسلسلة من الالتزامات مثل توفير التحكم البشري في الآلة، أو التوثيق الفني للمؤسسة.

وينص التشريع على "إشراف محدد على أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتفاعل مع البشر، مع وجوب إعلام المستخدمين بذلك".

وكما الحال في القواعد الأوروبية الحالية بشأن سلامة المنتجات، يفرض النص، ضوابط تعتمد في المقام الأول على الشركات.

ويتضمن التشريع محظورات قليلة، تتعلق بالتطبيقات المخالفة للقيم الأوروبية، مثل تصنيف المواطنين، أو أنظمة المراقبة الجماعية المستخدمة في الصين، أو تحديد الهوية البيومترية عن بعد للأشخاص في الأماكن العامة.

وفي ما يتعلق بالنقطة الأخيرة، حصلت الدول على إعفاءات لبعض مهام إنفاذ القانون مثل مكافحة الإرهاب.

وما زال يتعين على البرلمان الأوروبي، أن يصادق بشكل نهائي على التسوية النهائية في الربيع، والتي لم يعد من الممكن تعديلها. وستُطبق قواعد معينة بعد 6 أشهر من اعتمادها، وبعد عامين بالنسبة للأحكام الأخرى.

مخاوف من التلاعب بالرأي العام

كانت المفوضية الأوروبية قدمت مشروعها الذي يحمل عنوان "قانون الذكاء الاصطناعي" في أبريل 2021، وأعطاها ظهور برنامج ChatGPT المطوَّر من شركة Open AI الناشئة في كاليفورنيا، نهاية عام 2022، بُعداً جديد، ما ساهم في تسريع المناقشات.

وكشف هذا النموذج القادر على كتابة أطروحات، أو قصائد، أو ترجمات في بضع ثوانٍ، على غرار نماذج أخرى قادرة على إنشاء الأصوات أو الصور، أمام عموم المستخدمين، عن الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي. لكن هذه التكنولوجيا ترافقها أخطار مختلفة، منها نشر صور زائفة تبدو واقعية للغاية، ما يثير مخاوف من التلاعب بالرأي العام.

ورحَّب المفوض الأوروبي المسؤول عن هذا الملف تييري بريتون، الجمعة، بالتشريع "التاريخي وغير المسبوق على مستوى العالم".

وقال: "أثار قانون الذكاء الاصطناعي اهتماماً كبيراً، لأسباب محقة! اليوم، وافقت الدول على الاتفاق السياسي الصادر في ديسمبر، معترفة بالتوازن المثالي الذي وجده المفاوضون بين الابتكار والأمن".

مطالب بحماية الشركات الناشئة

وأبدت فرنسا وألمانيا حرصاً حتى النهاية، على أن يحمي التشريع الشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، حتى لا يمنع ظهور "أبطال أوروبيين" في هذا المجال في المستقبل.

وقال دبلوماسيون لوكالة "فرانس برس"، إن البرلمان أخذ المخاوف في الاعتبار قبل وضع اللمسات النهائية على النص. وبذلك حصل البَلدان على توضيحات بشأن تطبيقه.

والثلاثاء، أعرب وزير التكنولوجيا الرقمية الألماني فولكر فيسينج، عن سروره "لأننا حققنا تحسينات للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وتجنبنا المتطلبات غير المتناسبة، وتمكنّا من أن نضمن الحفاظ على القدرة التنافسية على المستوى الدولي".

واعتبر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، الجمعة، أن "هذا التشريع يتيح إمكانية استغلال الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، مع أخذ المخاطر في الاعتبار. وفي تطبيقه، سنؤكد سهولة الابتكار، والوضوح القانوني للشركات، والحاجة إلى هياكل غير بيروقراطية".

مخاوف من تفوق الصين وأميركا

في المقابل بدت أوساط عالم التكنولوجيا أكثر حذراً؛ إذ قال المسؤول عن شؤون أوروبا في مجموعة الضغط CCIA الناشطة في القطاع، بونيفاس دو شامبري، الجمعة، إن "الكثير من هذه القواعد الجديدة لا تزال غامضة، ويمكن أن تبطئ تطوير التطبيقات المبتكرة ونشرها".

وحذَّر من أن تنفيذ التشريع "بشكل جيد سيكون أمراً حاسماً" حتى لا يفرض "عبئاً" على القدرة التنافسية.

وقالت ماريان توردو بيتكر، من جمعية "فرانس ديجيتال" الناشطة في القطاع الرقمي، إن التشريع "يفرض التزامات كبيرة، على الرغم من بعض التعديلات على الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة"، معربة عن خشيتها من "حواجز تنظيمية إضافية ستفيد المنافسة الأميركية والصينية".

تصنيفات

قصص قد تهمك