بعد 13عاماً من الأبحاث.. الكشف عن سر احتكاك الدلافين بالشعاب المرجانية

time reading iconدقائق القراءة - 4
أنثى دولفين تعلم نجلها كيفية الاحتكاك بالشعاب المرجانية.
أنثى دولفين تعلم نجلها كيفية الاحتكاك بالشعاب المرجانية.
القاهرة- محمد منصور

قبل 13 عاماً لاحظت عالمة الأحياء البرية في جامعة زيورخ السويسرية أنجيلا زيلتنر، أن الدلافين تحتك بالشعاب المرجانية في شمال البحر الأحمر قبالة السواحل المصرية، وبعد أبحاث دامت 13 عاماً، استطاعت أن تعرف سبب هذا السلوك.

الدلافين كان لها سلوك غريب، إذ تختار مواضع مُحددة من الشعاب المرجانية وتصطف وراء بعضها البعض لتصل إلى ذلك الموضع تحديداً، وتبدأ في الاحتكاك به بسرعة، ثم تفسح المجال لغيرها لتفعل نفس الأمر.

أرادت "زيلتنر" فهم السبب، ففحصت كل الدراسات العلمية السابقة لمعرفة سبب الاحتكاك بالشعاب، فلم تجد أيّ إشارة لتلك الممارسة.

تقول "زيلتنر" إن "الدلافين كانت تعرف بالضبط أيّ الشعاب المرجانية التي تُريد استخدامها، وربما كان هناك سبب لاختيار ذلك النوع دون غيره".

وبحسب دراسة نشرت، الخميس، في دورية "آي ساينس"، فإن الإنسان عندما يُصاب بمرض جلدي، قد يذهب للطبيب ويحصل على بعض الأدوية، لكن ماذا يُمكن أن تفعل الدلافين في بيئتها الطبيعية؟

وتجيب الدراسة: "تُصاب الدلافين بالأمراض الجلدية أيضاً، وقد وجدت العلاج في أعماق البحار، ذلك العلاج هو عملية الاحتكاك تلك التي تقوم بها الدلافين مع الشعاب المرجانية.

علاج الأمراض الجلدية

ورصد الباحثون في الدراسة أنه خلال عملية الوقوف في طابور، تحتك الدلافين بالشعاب المرجانية من الأنف إلى الذيل، وخلصوا إلى أن هذه الشعاب تحديداً لها خصائص طبية ما يُشير إلى أن الدلافين تستخدم ذلك النوع من اللافقاريات البحرية -المرجان- لعلاج الأمراض الجلدية.

وتُجرى معظم أبحاث الدلافين من فوق سطح الماء، لكن نظراً لأن "زيلتنر" غواصة محترفة، فقد تمكنت من دراسة الدلافين عن قرب، واستغرق الأمر بعض الوقت لكسب ثقة الدلافين بالعمل معهم عن قرب، فالفقاعات الكبيرة التي تطلقها خزانات الأكسجين تُزعج الدلافين. 

وتمكنت عالمة الأحياء السويسرية وزملاؤها من تحديد عينات الشعاب المرجانية التي تحتك بها الدلافين عن عمد، وأخذ مجموعة من العينات منها.

وجدت "زيلتنر" وفريقها أنه من خلال الاحتكاك المتكرر بالشعاب المرجانية، كانت الدلافين تثير الزوائد اللحمية الصغيرة التي تشكل المجتمع المرجاني، وكانت هذه اللافقاريات تطلق المخاط، ومن أجل فهم خصائص المخاط، جمع الفريق عينات من المرجان.

مضادات البكتيريا والأكسدة

وعندما استخدمت المؤلفة الرئيسة في الدراسة، جيرترود مورلوك، وهي كيميائية تحليلية وعالمة أغذية بجامعة "جوستوس ليبيج جيسن" في ألمانيا، وفريقها الفواصل المستوية جنباً إلى جنب مع المقايسات السطحية وقياس الطيف الكتلي عالي الدقة لتحليل عينات من الشعاب المرجانية وجدوا 17 مادة مضادة للبكتيريا ومضادات الأكسدة ومواد أخرى هرمونية وسامة.

وأدى اكتشاف هذه المركبات النشطة بيولوجياً إلى اعتقاد الفريق أن مخاط الشعاب المرجانية يعمل على تنظيم ميكروبيوم جلد الدلفين وعلاج الالتهابات.

وقالت مورلوك: "يسمح الاحتكاك المتكرر للمستقبلات النشطة بالتلامس مع جلد الدلافين ويمكن أن تساعدها هذه المستقلبات في تحقيق التوازن الجلدي وتكون مفيدة للوقاية أو العلاج الإضافي ضد الالتهابات الميكروبية".

وتعتبر الشعاب المرجانية أماكن مهمة وبيئة غنية للدلافين التي تتوجه إليها للراحة والاستمتاع.

غرف نوم وملاعب

وقالت زيلتنر: "كثير من الناس لا يدركون أن هذه الشعاب المرجانية هي غرف نوم للدلافين، وملاعب أيضاً، وبين فترات القيلولة، غالباً ما تستيقظ الدلافين لأداء سلوك الاحتكاك بالمرجان، ويبدو الأمر كما لو كانوا يستحمون، وينظفون أنفسهم قبل أن يناموا أو يبدأوا يومهم".

ومنذ أن بدأت البحث عن الدلافين في مصر عام 2009، لاحظت "زيلتنر" اتجاهاً مزعجاً وهي أن "صناعة السياحة تجني الكثير من المال الآن من السباحة مع الدلافين، ويحلم الناس بالسباحة مع تلك الثدييات، لذا فهم يكتشفون الشعاب المرجانية التي يستخدمونها ويزعجون الدلافين إذا لم يتبعوا الإرشادات الخاصة بكيفية الاقتراب منها بطريقة مسؤولة".

وأضافت: "طالما ظلت الشعاب المرجانية مكاناً آمناً للدلافين، يمكنها الاستمرار في دراسة الاحتكاك بالمرجان وتحديد الشعاب المرجانية التي يتم استخدامها لأجزاء معينة من الجسم".

اقرأ أيضاً: