الأمم المتحدة تحذر من تقلبات مناخية "غير مسبوقة" وارتفاع حرارة الأرض

time reading iconدقائق القراءة - 7
رجال الإطفاء يراقبون حرائق الغابات في ماكاو وسط البرتغال - 21 يوليو 2019 - AFP
رجال الإطفاء يراقبون حرائق الغابات في ماكاو وسط البرتغال - 21 يوليو 2019 - AFP
باريس/ دبي -أ ف بالشرق

حذر تقرير صادر عن الأمم المتحدة، الاثنين، من أن الكوكب سيشهد زيادة "غير مسبوقة" في الظواهر الجوية القصوى، مثل موجات الحر أو الأمطار الغزيرة، حتى لو تمكن العالم من الحد من ارتفاع درجة الحرارة، مرجحاً ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية خلال 20 عاماً، أي قبل 10 سنوات مما كان متوقعاً، حتى في ظل أفضل سيناريو يتمثل في إجراء تخفيضات حادة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وأصدر خبراء الأمم المتحدة، البالغ عددهم 234 عالماً من 60 دولة، تقريرهم الاثنين، فيما تتصدر صور الفيضانات والحرائق عناوين الصحف في كل أنحاء العالم، قبل 3 أشهر من مؤتمر الأطراف الـ26 (كوب 26) الحيوي لبحث مستقبل البشرية.

وبعد أسبوعين من الاجتماعات المغلقة والافتراضية، وافق 195 بلداً، الجمعة، على هذا التقييم الشامل الأول للهيئة الحكومية الدولية المعني بتغير المناخ منذ 7 سنوات، والذي تم التفاوض بشأن "ملخصه الذي سيقدم لصنّاع القرار"، سطراً بسطر وكلمة بكلمة، في إشارة إلى التقرير الذي صدر يوم الاثنين، وسيشكل أساساً للمفاوضات في القمة العالمية المقررة في نوفمبر المقبل.

حوادث مناخية غير مسبوقة

وأوضح التقرير أن هذه الحوادث غير مسبوقة في تاريخ البشرية في "الحجم" و"التكرار" والوقت من العام، مشيراً إلى أن الدليل على الاحترار الناجم عن النشاط البشري "لا لبس فيه" وأن تأثيره كان ملموساً في جميع أنحاء العالم.

وقال العلماء إنه حتى مع إجراء تخفيضات سريعة للانبعاثات ستستمر درجات الحرارة في الارتفاع حتى عام 2050 على الأقل، وستؤدي إلى مزيد من الظواهر الجوية القاسية.

وأضافوا أنه "دون إجراء تخفيضات فورية وسريعة وواسعة النطاق في الانبعاثات، فإن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية أو درجتين مئويتين، مقارنة بمستويات عصر ما قبل الثورة الصناعية، بحلول عام 2100 سيكون بعيد المنال".

وأكد  علماء الأمم المتحدة في التقرير أن ظواهر قصوى مثل موجة حر مع جفاف وأمطار وفيضانات يمكن أن تسبب "تأثيرات كبيرة وغير مسبوقة"، مشيرين إلى أن قدرة الغابات والتربة والمحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون المنبعث من النشاطات البشرية، من المرجح أن تتراجع مع استمرار الانبعاثات، وهو أمر يهدد الجهود المبذولة للحد من ظاهرة الاحترار المناخي إلى مستويات مقبولة.

الاحترار يتفاقم

وقال إد هوكينز، المؤلف الرئيسي للتقرير الذي يمثل تتويجاً لثلاث سنوات من العمل، "إننا نشهد بالفعل التأثيرات، والأمور تتفاقم مع كل جزء قليل من الاحترار، أصبحت عتبة 1.5 درجة مئوية نقطة حشد، إذ ارتفعت درجة حرارة الكوكب بما يقدر بنحو 1.2 درجة مئوية العام الماضي، و1.1 درجة مئوية على أساس متوسط 10 سنوات".

وقال بيرس فورستر، أحد المؤلفين الرئيسيين للتقرير، "إذا تمكن العالم من خفض الانبعاثات بشكل كبير في عشرينات هذا القرن والوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050، فلا يزال من الممكن أن يقتصر ارتفاع درجة الحرارة على 1.5 درجة مئوية".

وقال عالم المناخ روبير فوتار، أحد مؤلفي هذا الجزء الأول من تقييم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، لوكالة "فرانس برس"، قبل بدء الجلسة في يوليو الماضي: "إذا لم نخفض انبعاثاتنا في العقد المقبل، فلن ننجح".

وأضاف: "من المرجح أن نحقق هدف 1.5 درجة مئوية بين عامي 2030 و2040، وهذه أفضل التقديرات التي نملكها اليوم".

"إنذار أحمر للبشرية"

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، نتائج التقرير بأنها "تحذير شديد للإنسانية وإنذار أحمر للبشرية، أجراس الإنذار تصم الآذان: انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الوقود الأحفوري وإزالة الغابات تخنق كوكبنا".

وقال المبعوث الأميركي الخاص لشؤون المناخ، جون كيري، إن النتائج تؤكد "الضرورة الملحة لهذه اللحظة". 

وقال الوزير البريطاني ألوك شارما، رئيس مؤتمر الأطراف، في مقابلة مع صحيفة "ذا أوبزيرفر" وهي طبعة أيام الأحد من "الجارديان"، إن "هذا التحذير سيكون الأكثر صرامة على الإطلاق لأن السلوك البشري يسرّع بشكل مقلق الاحترار العالمي".

وأضاف الوزير البريطاني أن هذا التقرير "يشكل جرس إنذار لجميع الأشخاص الذين لم يفهموا بعد لماذا يجب أن يكون العقد المقبل حاسماً في ما يتعلق بالعمل المناخي"، مشيراً إلى "أننا نقترب بشكل خطير من اللحظة" التي يكون فيها الوقت قد فات للقيام بأي شيء.

"تغيير المسار"

وشددت مديرة الشؤون المناخية في الأمم المتحدة، باتريشا إسبينوزا، خلال افتتاح دورة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في نهاية يوليو الماضي، على الحاجة إلى التحرك بسرعة.

وقالت: "الحقيقة أننا لسنا على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاق باريس للمناخ المتمثل في حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، في الواقع، نحن على الطريق المعاكس وقد يبلغ الاحترار عتبة 3 درجات مئوية. يجب علينا تغيير المسار بشكل عاجل قبل فوات الأوان".

وأضافت: "أقول هذا لصنّاع القرار.. العلم لا يسمح لنا برؤية العالم كما نرغب في أن يكون، إنه يظهر العالم كما هو، هذه ليست سياسة، إنها حقيقة".

وبموجب اتفاق باريس الذي أبرم في عام 2015، التزمت كل الدول تقريباً بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وحصر الاحترار بأقل من درجتين مئويتين، وصولاً إلى  1.5 درجة مئوية، إذا استطعنا المقارنة بمعدلات ما قبل الثورة الصناعية.

وفيما ارتفعت درجة حرارة الكوكب نحو 1.1 درجة مئوية، وكل جزء من الدرجة يزيد وتيرة الظواهر المناخية المتطرفة، فإن عتبة 1.5 درجة مئوية أصبحت منذ ذلك الحين هدفاً ذا أولوية للعديد من الناشطين والقادة السياسيين.

ومن أجل حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية، يجب خفض الانبعاثات بنسبة 7.6% سنوياً في المتوسط بين عامي 2020 و2030 وفقاً للأمم المتحدة. وفيما شهد عام 2020 انخفاضاً في هذه النسبة بسبب الجائحة، فمن المتوقع أن ترتفع الانبعاثات مجدداً.

وكانت مجموعة الدول السبع الكبرى تعهدت في مايو الماضي بالحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، في تحوّل عن الهدف الرئيسي لاتفاق باريس عام 2015 والمتمثل في إبقاء درجات الحرارة "أقل بكثير من درجتين مئويتين".

ومن المقرر نشر جزأين آخرين من تقييم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2022.

اقرأ أيضاً: