"لا توجد لقاحات".. مخاوف من تعثر حملات التطعيم ضد كورونا في إفريقيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
رجل يتلقى جرعة من لقاح كورونا في مستشفى بالعاصمة الرواندية كيغالي - 5 مارس 2021 - REUTERS
رجل يتلقى جرعة من لقاح كورونا في مستشفى بالعاصمة الرواندية كيغالي - 5 مارس 2021 - REUTERS
دبي – الشرق

أوردت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية أن مسؤولي الصحة في إفريقيا يراقبون بقلق مواجهة الهند لموجة ثانية كارثية من فيروس كورونا المستجد، مع تعثر حملات التطعيم التي تعتمد كثيراً على واردات اللقاحات من البلد الآسيوي.

ونقلت الصحيفة عن الدكتورة أيوادي ألاكيجا، الرئيسة المشاركة لـ"تحالف إفريقيا لتأمين اللقاحات"، الذي ينسّق توزيع اللقاحات في القارة، قولها: "قبل شهرين، كانت الهند تؤدي رقصة النصر وتُوزّع اللقاحات في العالم، مثل حلوى. كانوا يتحدثون عن مدى روعة إنجازهم، بسبب مناعة الشباب من سكان بلادهم. انظروا إلى وضع الهند الآن".

وترى ألاكيجا وآخرون أن الأزمة في الهند قدمت دليلاً على ما قد يحدث في إفريقيا، إن لم تُسرّع وتيرة حملات التطعيم، وإذا سُمح للفيروس بالانتشار والتحوّر.

"تحذير من التراخي"

وأشارت ترودي لانغ، مديرة شبكة الصحة العالمية في جامعة أكسفورد، إلى أن إفريقيا وأجزاء أخرى من العالم تعاني من نقص في التطعيم، في حاجة ماسّة للحاق بالركب، معتبرة أن الهند "تُمثل تحذيراً مفزعاً بشأن أخطار التراخي" في التصدي لكورونا.

وذكرت "فايننشيال تايمز" أن مسؤولي الصحة في إفريقيا يستهدفون تطعيم ما لا يقلّ عن 30% من سكان القارة، وعددهم 1.2 مليار، بحلول نهاية العام الجاري، على أن ترتفع النسبة إلى 60% أو أكثر بعد ذلك. لكن قيود الإمدادات، والمشكلات اللوجستية، والتردّد في أخذ اللقاحات، تعني أن حملات التطعيم كانت ضئيلة.

وأضافت الصحيفة أن إفريقيا تلقت 32 مليون جرعة من اللقاح، استُخدم منها 18 مليوناً. وتُشكّل جرعات اللقاح الذي طوّرته شركة "أسترازينيكا"، المقدّمة من برنامج "كوفاكس"، الجزء الأكبر من اللقاحات الموزّعة حتى الآن، لكن الإمدادات تقلّصت بعدما منعت الهند الصادرات، لمكافحة تفشّي الجائحة.

وقالت ألاكيجا: "لا توجد لقاحات، يصعب القول إن هناك مشكلة في طرح المنتج، عندما لا يكون لديك أي شيء تقدّمه". واستبعدت وصول إمدادات جديدة من "كوفاكس"، حتى يونيو المقبل.

نسب تطعيم ضئيلة

واستهلكت دول وزّعت إمداداتها المحدودة من اللقاحات بكفاءة، مثل رواندا، والسنغال، وغانا، وبوتسوانا، الجرعات التي حصلت عليها من برنامج "كوفاكس"، بدءاً من الشهر الماضي. مع ذلك، تمكّنت رواندا وغانا من إعطاء أقلّ من 3 جرعات لكل 100 شخص، علماً بأن معدل التطعيم في بريطانيا يبلغ 71 جرعة لكل 100 شخص.

وأشارت "فايننشيال تايمز" إلى أن متوسّط العمر في إفريقيا يبلغ 19 عاماً، كما أن عدد الوفيات من الفيروس منخفض نسبياً، فاعتبر بعضهم أن القارة لا تحتاج إلى تطعيم نسبة ضخمة من سكانها، للسيطرة على الجائحة، مثلما حدث في أجزاء أخرى من العالم.

وتوفي نحو 120 ألف شخص بكورونا في إفريقيا، أي أقلّ من 4% من إجمالي الوفيات في العالم.

ولفتت كيت أوبراين، مديرة التحصين واللقاحات والمواد البيولوجية في منظمة الصحة العالمية، إلى أن مساعي الدول الغربية لتلقيح أكبر نسبة ممكنة من سكانها، قد تشكّل ضغوطاً بلا داعٍ على البلدان الفقيرة، لتحذو حذوها. وأضافت: "لا نحتاج بالضرورة إلى الهدف ذاته في كل الدول".

تطعيم أطفال

لكن المسؤولين في إفريقيا ما زالوا ملتزمين بتطعيم 60% على الأقلّ من سكانها. وقال الدكتور جون نكينغاسونغ، مدير المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها: "إذا أردنا هزيمة هذا الوباء، وهذا ما علينا فعله من أجل بقائنا وبقاء اقتصاداتنا، فعلينا القيام بذلك بسرعة وعلى نطاق واسع".

ونقلت "فايننشيال تايمز" عن ماتشيديسو مويتي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية في إفريقيا، قولها إن هدف تطعيم 60% من السكان قد يشمل أطفالاً، نظراً إلى غلبة نسبة الشباب في دول إفريقية كثيرة. وأضافت: "الطريقة المنطقية تكمن في استهداف المناطق الأكثر تضرّراً، مثل المدن. الشبان قد ينقلون المرض، وإن لم يتعرّضوا لإصابات خطرة بالفيروس".

أسترازينيكا

ويحسب دراسة فإن لقاح "أسترازينيكا" لم يمنع العدوى الخفيفة والمتوسطة، المرتبطة بالفيروس المتحوّر، الذي رُصد للمرة الأولى في جنوب إفريقيا، ثم انتشر في كل أنحاء القارة، الأمر الذي يزيد من تعقيدات استخدام هذا اللقاح.

وعلى الرغم من أن جنوب إفريقيا هي الدولة الأكثر تضرراً في القارة، فقد أوقفت استخدام لقاح "أسترازينيكا"، فيما تعيد جمهورية الكونغو الديمقراطية، 1.2 مليون جرعة من اللقاح إلى "كوفاكس"، بعدما قررت الامتناع عن استخدامها.

لكن نكينغاسونغ عارض بشدة قرارات الامتناع عن استخدام جرعات اللقاح، قائلاً: "أنت لا تذهب إلى حرب مع ما تحتاج إليه، بل مع ما تملكه"، لافتاً إلى أن الحكومات الإفريقية كانت تعتمد على برنامج "كوفاكس"، وبالتالي ليس لديها خيارات تقريباً بشأن اللقاحات التي تعتمدها. وتابع: "علينا استخدام أسترازينيكا.. دعوني أقُل ذلك بوضوح شديد: الفائدة تفوق الأخطار".

أما أو بي سيساي، أبرز المستشارين بشأن كورونا في معهد توني بلير للتغيير العالمي، فأبدى قلقاً بشأن الثقة باللقاحات، نتيجة قرارات تنظيمية مربكة اتُّخذت في أوروبا بشأن استخدام لقاح "أسترازينيكا"، وكذلك تصوّر بأن تأثير كورونا لم يكن مميتاً بالنسبة إلى الأفارقة. وزاد: "إذا لم يرَ الناس أنهم مرضى، أو يموتون من كوفيد، فإنهم لا يتعاملون بجدية مع التطعيم".

اقرأ أيضاً: