احتجاجات إيران تواصل "تحدي النظام".. ورئيسي: جهود الغرب ستفشل

time reading iconدقائق القراءة - 7
يحتجون ضد النظام الإيراني في ميدان "ترافلجار" بالعاصمة البريطانية لندن. 14 يناير 2023 - REUTERS
يحتجون ضد النظام الإيراني في ميدان "ترافلجار" بالعاصمة البريطانية لندن. 14 يناير 2023 - REUTERS
باريس/ دبي -أ ف بالشرق

ما زال المتظاهرون في إيران يتحدّون السلطات على الرغم من انحسار موجة التظاهرات والاحتجاجات التي طوت شهرها الرابع، في حين قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الأحد، إن جهود الغرب المضادة للحرس الثوري "محكوم عليها بالفشل التام".

وتراجع عدد التظاهرات اليومية في الشوارع على مستوى المناطق الإيرانية كافة منذ نوفمبر، فيما اتخذت الاحتجاجات أشكالاً مختلفة، من بينها الإضرابات، والتظاهرات المستمرة في بعض المناطق، كما ظهرت بوادر انقسام داخل صفوف النظام.

وتسعى السلطات إلى قمع الاحتجاجات بأساليب عدة، من بينها عقوبة الإعدام التي تم تنفيذها حتى الآن في أربعة مدانين على خلفية أحداث مرتبطة بالتظاهر.

ويرى مراقبون أن الغضب الذي فجرته وفاة الشابة مهسا أميني في منتصف سبتمبر الماضي، بعد توقيفها من قبل "شرطة الأخلاق" لمخالفتها قواعد لباس المرأة الصارمة، لا يزال يشكل تهديداً محتملاً للنظام الإيراني في ظل الأزمة الاقتصادية في البلاد.

ورأى الخبير في الشؤون الإيرانية علي فتح الله نجاد أنه "مع تراجع عدد التظاهرات منذ منتصف نوفمبر 2022، يبدو أن حالة جمود بدأت، إذ عجز كلّ من النظام والمحتجين على فرض إرادته".

وأضاف نجاد، الباحث في "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" في "الجامعة الأميركية في بيروت" أنه "على الرغم من الانخفاض النسبي في عدد الاحتجاجات، فإن المسارات الثورية عادة ما تنطوي على مراحل متعاقبة من الهدوء النسبي والزّخم".

وتابع في تصريح لوكالة "فرانس برس": "الآن، مع التراجع الكبير في قيمة الريال الإيراني منذ مطلع العام، يمكن توقع احتجاجات مدفوعة بالوضع الاقتصادي قد تتحول بسرعة إلى تظاهرات سياسية كما حصل سابقاَ".

احتجاجات مستمرة

من جهته، أورد موقع "انقلاب إنفو" الذي يتابع حجم النشاط الاحتجاجي، أنه في حين تراجع عدد المظاهرات في الشوارع، زاد عدد الإضرابات وغيرها من الأنشطة المعارضة مثل كتابة الشعارات وإتلاف لافتات حكومية.

وأكد القائمون على الموقع في بيان لوكالة "فرانس برس" أن "الانتفاضة في أنحاء البلاد ما زالت حيّة، على الرغم من تغيّر الطريقة التي يعبّر من خلالها الناس عن معارضتهم، بسبب حملة القمع الدامية التي شنّتها السلطات في الخريف".

ووفقاً لمنظمة "حقوق الإنسان في إيران" غير الحكومية ومقرها النرويج: لقي 481 شخصاً على الأقل حتفهم في حملة القمع، فيما يواجه ما لا يقل عن 109 أشخاص عقوبة الإعدام في قضايا تتعلق بالاحتجاجات، إضافة إلى الأربعة الذين أعدموا حتى الآن.

وبدأت الاحتجاجات رفضاً لإلزامية الحجاب، لكنها سرعان ما باتت تتحدى النظام برمّته، داعية إلى إنهاء نظام الجمهورية الإسلامية التي أقيمت بعد الإطاحة بنظام الشاه في عام 1979.

وقالت رؤيا بوروماند الناشطة في "مركز عبد الرحمن بوروماند الحقوقي" ومقره الولايات المتحدة: "لقد انحسرت التظاهرات، لكننا ما زلنا نرى حالات قتل خارج نطاق القضاء، وبطبيعة الحال يتوخى المواطنون المزيد من الحذر".

وشددت بوروماند على أن الأنشطة الاحتجاجية مستمرة، ومن بينها التظاهرات المنتظمة في شوارع منطقة "سيستان بلوشستان" الشاسعة والفقيرة في جنوب شرق البلاد، وإضرابات عمال النفط والاحتجاجات أثناء جنازات متظاهرين.

ولفتت إلى أن أحد الأمثلة البارزة على تواصل التحركات كان الاحتجاج هذا الشهر خارج جدران سجن "رجائي شهر" في كرج قرب طهران، بعدما سرت شائعات عن قرب تنفيذ حكم الإعدام شنقاً على السجينين محمد غباديو ومحمد بوروغاني على خلفية الاحتجاجات. لكنها أشارت إلى أن السجينين لا يزالان على قيد الحياة.

وتابعت بوروماند: "هذه الاحتجاجات لم تنته، سواء تراجعت أم لا على المدى القصير".

ورأت أن الاحتجاجات "غيّرت السرديّة التي فرضتها الجمهورية الإسلامية على مدى عقود  عدة  في ما يتعلق بمن هم الإيرانيون وماذا يريدون".

وقالت إنه في مواجهة التظاهرات، لم تظهر مؤشرات توحي باستعداد السلطة بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي لتقديم تنازلات ذات مغزى، بل إنّها قد تعمد إلى تشديد القمع أكثر.

بوادر انقسام

في المقابل، يرى بعض المحللين بوادر انقسامات ناشئة داخل أروقة النظام حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات، في وقت لم تستخدم السلطات بعد ترسانتها القمعية الكاملة، على الرغم من إراقة الكثير من الدماء.

وفي تطور غير عادي في هذا السياق، أعدمت إيران أخيراً، نائب وزير الدفاع السابق علي رضا أكبري الذي حصل على الجنسية البريطانية بعد ترك منصبه، لإدانته بتهمة "التجسس" لصالح لندن.

ورأى الباحث في مركز "كارنيجي أوروبا"، كورنيليوس أديبهر أن "الحكم غير المتوقع قد يشير إلى صراع قوي داخل صفوف السلطة حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات".

وكان أكبري يعتبر مقرباً من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني وشخصيات أخرى دافعت عن اتخاذ خطوات إصلاحية لمعالجة مطالب المحتجين.

واعتبر الخبير في الشؤون الإيرانية فتح الله نجاد أنه "رغم غياب تصدّعات واضحة في السلطة بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات، إلاّ أنّ هناك مؤشرات على حدوث انقسامات"، واصفاً الإعدام بأنه "علامة أخرى على انعدام الثّقة داخل صفوف النظام".

عزلة دولية

وفي خطوة أثارت جدلاً على نطاق واسع هذا الشهر، عيّن خامنئي قائد شرطة طهران السابق أحمد رضا رادان قائداً لقوة الشرطة الوطنية. علماً أن رادان متشدد، ويعرف عنه أنه لعب دوراً رئيسياً في قمع التظاهرات إثر انتخابات عام 2009 المتنازع على نتيجتها.

في غضون ذلك، فاقمت حملة قمع الاحتجاجات عزلة إيران، مع تعثّر المحادثات مع الغرب بشأن إحياء اتفاق 2015 حول برنامجها النووي.

كما أن طهران مستاءة من تشكيل الأمم المتحدة، بطلب من الدول الغربية، لجنة للتحقيق في حملة القمع الأخيرة.

في الوقت نفسه، تعمد إيران إلى التقارب بشكل متزايد مع روسيا، الدولة المعزولة أيضاً من الغرب منذ أن غزت أوكرانيا، ولا سيما بتزويدها بمئات الطائرات المسيّرة المتدنية التكلفة التي تستخدمها موسكو لشن هجمات على الأراضي الأوكرانية.

ونقلت "وكالة مهر" الإيرانية للأنباء عن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قوله، الأحد، إن الجهود الغريبة المضادة للحرس الثوري الإيراني "يائسة ومحكوم عليها بالفشل التام".

كانت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء نقلت في وقت سابق، الأحد، عن محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) قوله إن بلاده "ستعتبر جيوش الدول الأوروبية منظمات إرهابية" وذلك رداً على موقف الاتحاد الأوروبي من الحرس الثوري الإيراني.

وأضاف قاليباف أن "محاولات العدو ضد الحرس الثوري محكوم عليها بالفشل".

كان البرلمان الأوروبي طالب في قرار تبناه، الخميس، مجلس الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بإضافة الحرس الثوري والقوات التابعة له إلى "قائمة الإرهاب"، بما في ذلك قوات التعبئة الشعبية (الباسيج) وفيلق القدس.

وفي شأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية، قال قاليباف إنه إذا أرادت أوروبا التوصل إلى اتفاق نووي فعليها أن تفصل بين طريقها وطريق "معارضي هذا الاتفاق".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات