"تسريب من الداخل".. قصة الصور التي أطاحت بوزير الصحة البريطاني

time reading iconدقائق القراءة - 7
وزير الصحة البريطاني المستقيل مات هانكوك يغادر مقر رئاسة الوزراء - 16 سبتمبر 2020 - AFP
وزير الصحة البريطاني المستقيل مات هانكوك يغادر مقر رئاسة الوزراء - 16 سبتمبر 2020 - AFP
دبي - عزيز عليلو

لم يصمد وزير الصحة البريطاني مات هانكوك أكثر من يوم واحد أمام أزمة الصور التي ظهر فيها وهو يعانق كبيرة مساعديه جينا كولادانغيلو ويقبلها، على الرغم من القيود التي تفرضها الحكومة للتباعد الاجتماعي، إذ قدم استقالته من منصبه إلى رئيس الوزراء بوريس جونسون، السبت.

الصور التي نشرتها صحيفة "ذا صن" البريطانية، الجمعة، التقطت في 6 مايو الماضي في مكتب الوزير بالطابق التاسع ببناية وزارة الصحة في العاصمة لندن، وفقاً لصحيفة "ذا صن".

هانكوك أكد صحة الصورة، الجمعة، حين اعترف بخرق قواعد التباعد الاجتماعي التي كانت مفروضة في البلاد في مايو الماضي، بينما بقي مصدر الصورة التي نشرتها الصحيفة مثار تساؤلات عدة.

وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، نقلاً عن مصدر مطلع، إن المسؤولين في وزارة الصحة كانوا يعتقدون أن الصورة تم التقاطها بواسطة عدسة تصوير دقيقة من بناية مقابلة لمقر الوزارة في شارع فيكتوريا، على بعد أمتار قليلة من مقر البرلمان البريطاني.

وأضاف المصدر أن المسؤولين سرعان ما استبعدوا هذه النظرية، وتأكدوا أن الصورة تم التقاطها بواسطة كاميرات المراقبة في الوزارة، ثم تم "تسريبها من داخل الوزارة" إلى الصحيفة قصد نشرها.

ونشرت صحيفة "ذا صن"، السبت، مزيداً من الصور لمات هانكوك برفقة مساعدته جينا كولادانغيلو على صفحتها الأولى، بالإضافة إلى مقطع فيديو، يظهر جلياً من خلاله، أن الصور مأخوذة من كاميرات المراقبة. كما أكدت الصحيفة أن مقطع الفيديو والصور مأخوذة من كاميرات المراقبة.

فشل التحقيق

وقالت "الغارديان" إن مات هانكوك عقد اجتماعاً طارئاً في مكتبه، صباح الجمعة، بعد ساعات قليلة من نشر "ذا صن" الصور، مشيرةً إلى أن الاجتماع شارك فيه السكرتير الدائم بوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية كريس ورمالد، بالإضافة إلى رئيس الأمن بالوزارة، وناقش إمكانية فتح تحقيق في مصدر الصورة.

وقال مصدر مطلع على تفاصيل الاجتماع لـ"الغارديان" إنه تقرر خلال الاجتماع استبعاد فكرة التحقيق لمعرفة المتورط في تسريب الصور، "لأنه يمكنه الدفاع عن سلوكه، باعتباره تبليغاً عن مخالفة وقعت بالفعل".

وأضاف المصدر: "تخيل لو تم فصل هذا الشخص من عمله بالوزارة بسبب تسريبه الصور إلى الصحيفة، فإن كل المحاكم المتخصصة في قضايا العمل ستدين هانكوك". وأشار إلى أنه من الصعب على الوزير "تبرير تحقيقه في التسريب بعدما تم ضبطه وهو يفعل شيئاً كهذا".

وقال مصدر آخر مطلع على طريقة عمل وزارة الأمن الداخلي والخدمات الأمنية، إن الحكومة لن "تفتح أي تحقيق بشأن التسريب. فالكل سيجادل بأن من فعل ذلك كان مُبلغاً عن مخالفات. وإذا قام شخص ما بالإبلاغ عن المخالفات، وسرب معلومات حساسة إلى الرأي العام، فإنه يستحق الحماية، وهذه ممارسة لازمة مع المبلغين عن المخالفات".

الشرطة ترفض التدخل

شرطة العاصمة البريطانية "متروبوليتان بوليس"، أكدت، الجمعة، في بيان، بشكل ضمني أن الصورة تم تسريبها، لكنها أكدت أنها غير معنية بالتحقيق في حالة خرق قواعد التباعد الاجتماعي التي تثبتها الصورة.

وجاء في البيان، أن "شرطة متروبوليتان على علم بنشر صور يبدو أنه تم الحصول عليها من داخل مبنى حكومي رسمي".

وأضاف البيان: "لم نفتح أي تحقيق جنائي (في الأمر). في هذه الأثناء، يبقى هذا الأمر من اختصاص الدائرة الحكومية ذات الصلة".

وتابع البيان "إننا نركز على حالات خرق القواعد حينما تكون ما تزال جارية، أو حين يكون تدخل الشرطة قادراً على تغيير سلوك يشكل خطراً على الصحة العامة"، بينما قد مضى بالفعل أكثر من شهر على الحادث الذي توثقه الصور.

"الكل كان يعلم"

وكانت جينا كولادانغيلو، صديقة وزير الصحة منذ أن عملوا في محطة إذاعية طلابية في جامعة أكسفورد، وفي سبتمبر الماضي عينها مات هانكوك مديرةً غير تنفيذية لوزارة الصحة، وهو المنصب الذي تتقاضى عنه راتباً يصل إلى 15000 جنيه إسترليني، مقابل نحو 15 إلى 20 يوم عمل في السنة، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وقال مصدر حكومي كان يشتغل في وزارة الصحة لـ"ذا صن"، إن هانكوك وكولادانغيلو "كانا حريصين على الإبقاء على علاقتهما سراً، لكن الكل في الوزارة كان يعلم أن شيئاً من ذلك القبيل كان يجري داخل مبنى وزارة الصحة بينهما".

وأضاف المصدر، أن الحديث عن علاقة بينهما بات متداولاً داخل وزارة الصحة، مشيراً إلى أن بعض الموظفين تحدثوا عن الأمر عبر رسائل مكتوبة على تطبيق "واتساب" للتراسل الفوري.

الوزير في حكومة المحافظين برئاسة بوريس جونسون، اعترف بخرق قيود التباعد الاجتماعي المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا، في خطاب استقالته الذي قدمه إلى رئيس الوزراء.

وقال هانكوك، الذي كان يقود جهود بلاده لمواجهة كورونا، في رسالة استقالته إن "آخر شيء أرغب فيه هو أن تصرف حياتي الخاصة الانتباه عن التركيز المطلق على الخروج من هذه الأزمة"، في إشارة إلى جائحة كورونا.

وجدد الوزير المستقيل اعتذاره، قائلاً "أريد أن أكرر اعتذاري لخرق القواعد، وأعتذر لعائلتي وأقربائي على هذا الوضع". وأضاف: "كما أريد أن أكون مع أطفالي في هذه الفترة".

اقرأ أيضاً: