تحذيرات من الصدمات النفسية على أطفال غزة بسبب القصف

time reading iconدقائق القراءة - 6
طفل فلسطيني يقف داخل منزل دمرته الغارات الجوية الإسرائيلية خلال التصعيد الأخير في غزة - 23 مايو 2021 - REUTERS
طفل فلسطيني يقف داخل منزل دمرته الغارات الجوية الإسرائيلية خلال التصعيد الأخير في غزة - 23 مايو 2021 - REUTERS
غزة - أ ف ب

عندما بدأ القصف في شمال مدينة غزة، كتبت الطفلة زينة ضابوس (10 سنوات) بقلم حبر باللون الأحمر رسالة ووضعتها تحت وسادة والدتها، تقول: "ماما حبيبتي، أنا خائفة جداً. إذا استشهدنا ضعونا معاً في القبر نفسه لأبقى في حضنك. وأريد أن أرتدي ملابس العيد".

الآثار النفسية للقصف سترافق الأطفال لسنوات، على الرغم من اتفاق وقف النار المتزامن الذي دخل حيز التنفيذ فجر الجمعة، بحسب تحذير خبراء.

يقول أطباء نفسيون، إن الأطفال في قطاع غزة يعانون سلسلة من الأعراض النفسية المرتبطة بالخوف من القصف، كالاكتئاب، والقلق، والاضطرابات السلوكية، والتبول اللإرادي، وعصبية المزاج وغيرها.

وقالت الطفلة زينة لوكالة"فرانس برس"، إنها بدأت كتابة الرسالة انطلاقاً من شعورها بـ"الخوف والرعب". وأضافت: "كانوا يقصفون محيط منزلنا، ويقصفون كل الشوارع، قبل النوم كتبت ورقة إلى أمي ووضعتها تحت الوسادة لأنني كنت خائفة من أن أموت".

في القطاع الذي شهد 4 حروب في 2008 و2012 و2014، و2021 نشأ الكثير من الأطفال على أصوات القصف والغارات الجوية، ويوجد مليون طفل في غزة، بحسب أرقام صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).

وقال جد الطفلة سعيد الضابوس: "جيل الأطفال مدمر بسبب الحروب المتتالية على غزة".

واندلع النزاع الأخير بعد أيام من اشتباكات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى، على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود، ما تسبب في إصابة أكثر من 900 بجروح.

صدمات

قتل القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي استمر 11 يوماً، 248 شخصاً، بينهم 66 طفلاً، بموجب أرقام صادرة عن وزارة الصحة في غزة.

وحذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" الجمعة، من أن الأطفال في غزة سيعانون لسنوات قادمة.

وبحسب المنظمة فإن "الأطفال في غزة يعانون الخوف والقلق وقلة النوم، وتظهر عليهم علامات القلق مثل الاهتزاز المستمر والتبول اللإرادي".

وفي منزل آخر، تحاول ميساء أبو العوف (22 عاماً) تهدئة روع شقيقها البالغ من العمر عامين ونصف، بعد أن خسرا عدداً كبيراً من أفراد عائلتهما في قصف جوي إسرائيلي.

وتقول ميساء: "عندما يسمع صوت أي انفجار يبدأ بالصراخ والبكاء، ويقول لي أحبك وأريد أن أكون معك". وتحاول ميساء تهدئة شقيقها قائلة: "لا تخف، هذا صوت بالون".

وأضافت ميساء: "الجميع بحاجة إلى دعم نفسي. ابن عمي عمر (16 عاماً) استشهد جميع أفراد عائلته وتم انتشاله من بين الأنقاض بعد أن قضى 12 ساعة، ومن هول الصدمة ما زال يبكي بحرقة ولا يريد الكلام".

وبسبب تدمير المنزل المؤلف من 4 طوابق بشكل كلي في حي الرمال، باتت ميساء وشقيقها أحمد يقيمان في منزل جدها مع أختهما مرام، بينما ترقد والدتها في مستشفى الشفاء إثر إصابتها بجروح بالغة في الغارة نفسها التي دمرت المنزل.

وانتشل الدفاع المدني عدداً من النساء والأطفال من تحت ركام منزل عائلة أبو العوف، الذي دمر كلياً بينهما شقيقتا ميساء، طالبة طب الأسنان شيماء (20 عاماً) وروان طالبة المدرسة (17 عاماً) .

وتوفي في تلك الغارة نحو 42 فلسطينياً بينهم 10 نساء و8 أطفال.

وتروي شقيقتهم مرام أبو العوف (7 أعوام) التي نجت من تحت الأنقاض: "كنت تحت الحجارة، سألت عن ماما وعن أختي شيماء، وكنت أقول أخرجوني.. أنا حزينة".

"نسبة كارثية"

خلال العملية العسكرية الأخيرة، كان برنامج غزة للصحة النفسية يقدم نصائح للعائلات في كيفية التعامل مع الأطفال أثناء القصف عبر صفحته على "فيسبوك".

وفي منشور يعود تاريخه إلى 10 مايو الجاري، كان البرنامج يطلب من الوالدين مشاركة المشاعر مع الأطفال، ومحاولة إشغالهم أثناء القصف بأنشطة أخرى مثل اللعب أو الرسم أو الصلاة.

ولا توجد نسبة حقيقية لعدد الأطفال الذين يعانون اضطرابات نفسية في القطاع، لكن برنامج غزة يشير إلى ازدياد هذه الحالات بالمئات شهرياً.

ويحذر الاختصاصي النفسي محمد أبو السبح، من أن يصبح الأطفال الذين تعرضوا "لصدمات هائلة" في قطاع غزة "عنيفين".

ويشرح أبو السبح، أن "الاضطرابات النفسية تظهر غالباً عبر اضطرابات سلوكية سيئة وعنيفة، تحدث الحروب زيادة في العنف لدى الأطفال في المدارس أو داخل البيوت".

وبحسب أبو السبح فإن غالبية الأطفال في قطاع غزة "يعانون الاكتئاب والقلق واضطراب السلوك".

وحذر من أن هناك "نسبة كارثية" من الأطفال الذين يحتاجون لإعادة تأهيل، قائلاً: "أنا غير متفائل، هذه الحرب ستنشئ جيلاً عدوانياً عنيفاً يميل إلى الكراهية".

اقرأ أيضاً: