تقرير: "زواج مصلحة" يجمع إيران وروسيا بعد حرب أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 8
عناصر من مشاة البحرية الإيرانية يشاركون في مسابقة عسكرية بمنطقة كالينينجراد الروسية - 17 أغسطس 2022 - REUTERS
عناصر من مشاة البحرية الإيرانية يشاركون في مسابقة عسكرية بمنطقة كالينينجراد الروسية - 17 أغسطس 2022 - REUTERS
دبي- الشرق

تجهد إيران وروسيا لإقامة علاقات أقوى من أي وقت، إذ إن عزلتهما الدولية تدفعهما نحو مزيد من التعاون التجاري والعسكري، ما يقلق الولايات المتحدة، كما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال".

وفي يوليو الماضي، باتت إيران أبرز مشترٍ للقمح الروسي في العالم. كذلك أطلقت موسكو هذا الشهر قمراً صناعياً إيرانياً إلى الفضاء، في نجاح نادر لبرنامج طهران الفضائي.

وفي الأسبوع الماضي، استضاف الجيش الإيراني تدريبات مشتركة مع القوات الروسية على استخدام مسيّرات، فيما حذرت واشنطن من أن موسكو تستعد لشراء مسيّرات إيرانية من أجل استخدامها في غزوها لأوكرانيا.

ويُظهر ذلك كيف سرَّعت حرب أوكرانيا جهوداً للتقريب بين روسيا وإيران، علماً أنهما تتشاركان معارضة النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وتخضعان لعقوبات أميركية صارمة.

ولكن حتى هذا العام، ضعُفت علاقاتهما نتيجة تضارب سياساتهما في سوريا، وشكوك تاريخية لطهران بشأن تدخل أجنبي في شؤونها، والدور التاريخي الذي أدته روسيا، بوصفها قوة مهيمنة في آسيا الوسطى والقوقاز.

تبادل تجاري

من شأن تحالف روسي-إيراني أوثق أن يساعد الجانبين على التخفيف من تأثير العقوبات الغربية، من خلال إيجاد أسواق جديدة لمنتجاتهما، وتعزيز تعاونهما العسكري الذي يمكن أن يساعد موسكو في حرب أوكرانيا، ونشاطات طهران في الشرق الأوسط.

ورأى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في تعزيز العلاقات بين روسيا وإيران، "تهديداً عميقاً" لبلاده.

وتخلّل العلاقات المتنامية بين الطرفين، زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران في يوليو الماضي، كما سافر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى موسكو في يناير، وتعهد البلدان آنذاك بمزيد من التعاون الاقتصادي والعسكري.

وارتفع التبادل التجاري بين الجانبين بنسبة 10% هذا العام، علماً أنه سجّل في عام 2021 زيادة بنسبة 80% إلى 4 مليارات دولار، بحسب روسيا.

ويعتبر مراقبون أن العلاقات بين موسكو وطهران تتطلّب مزيداً من الجهود، بصرف النظر عن تعاونهما الغذائي والعسكري.

وبلغ التبادل التجاري بين الصين وإيران من السلع والخدمات غير النفطية، 14.8 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لإحصاءات الجمارك في بكين، كما أبرم البلدان اتفاقاً تجارياً بقيمة 400 مليار دولار لربع قرن. وتُعدّ الصين أيضاً مستهلكاً أساسياً للنفط الروسي الذي تتجنّبه دول غربية كثيرة.

وقال إسفنديار باتمانجليج، الرئيس التنفيذي لـ"مؤسسة البورصة والبازار"، وهو معهد أبحاث يركّز على الدبلوماسية الاقتصادية، إن إحياء الاتفاق النووي الإيراني قد يعزز الاستثمار الروسي في إيران.

روس في إيران

ويقول رجال أعمال إيرانيون إن الروس يتدفقون على بلادهم خلال الأشهر الأخيرة، غالباً لمناقشة سبل الالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، بعد غزوها لأوكرانيا.

وتُسمع كثيراً اللغة الروسية في محال تجارية وفنادق في طهران الآن، إذ إن المسافرين الروس لا يزالون قادرين على زيارة إيران، بعدما رفضت دول غربية كثيرة استقبالهم، بحسب "وول ستريت جورنال".

وفي البازار الكبير بالعاصمة، قال بائع للسجاد إن عدد الزبائن الروس تضاعف منذ فبراير الماضي، وباتوا يشكّلون نصف عملائه.

وداخل بهو فندق فخم بطهران كان الأوروبيون الوحيدون هم الروس الذين أحضروا حواسيبهم المحمولة، للمشاركة في اجتماع عمل مع إيرانيين.

وتشمل الصفقات المطروحة على الطاولة، بيع إيران ملابس لمشترين روس لتحلّ مكان ماركات تجارية غربية، وقطع غيار سيارات.

وناقش الجانبان إنشاء ممرّ تصدير يمتد من روسيا إلى الهند عبر إيران، وإقامة نظام مصرفي معزول تماماً عن العقوبات الأميركية.

كذلك وقعت شركة النفط الإيرانية الوطنية، المملوكة للدولة، اتفاقاً مع شركة "غازبروم" الروسية لاستثمار 40 مليار دولار في قطاع الغاز الطبيعي بإيران.

تجاوز العقوبات الغربية

روسيا وإيران في حاجة ماسة إلى شركاء تجاريين، ولو أن قدرتهما محدودة على مساعدة بعضهم بعضاً بحسب "وول ستريت جورنال".

ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 6% هذا العام، وأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لإيران بنسبة 3% في الفترة ذاتها، علماً أنها تكافح تضخماً بنسبة 50% وتراجعاً قياسياً لعملتها في مقابل الدولار هذا العام.

وتقدّم طهران لموسكو خبرة في تجنّب العقوبات الغربية، فيما يبدو أن روسيا أعطت إيران أفضلية في الصادرات الزراعية، في ظلّ مخاوف من نقص الغذاء.

ومن أهم علامات الدفء في علاقاتهما الاقتصادية، أن إيران تجاوزت مصر وتركيا بوصفها أبرز مشترٍ للقمح من روسيا، في يوليو، إذ حصلت على ضعف ما تسلّمه هذان البلدان، وبلغ 360 ألف طنّ متري.

ويقول خبراء تجاريون إن إيران وروسيا جهدتا للعثور على مصارف تتعامل مع العمليات التجارية للسلع بينهما، في ما يشكّل "زواج مصلحة" فيما يتجنّب التجار الأوروبيون إبرام عقود جديدة لشراء الحبوب وسلع أخرى من روسيا، بحسب "وول ستريت جورنال".

وقالت ماشا بيليكوفا، وهي محللة لقطاع الحبوب بوكالة "فاست ماركتس" لتقارير أسعار السلع الأساسية (مقرها لندن): "لا يمكن لإيران شراء القمح إلا من عدد محدود من المصادر. عندما اندلعت الحرب، استُهدفت روسيا بعقوبات وواجهت مشكلات في المدفوعات. وكانت إيران واحدة من دول محدودة مستعدة لقبول" هذه الأخطار السياسية.

تعاون عسكري متزايد

كذلك أثار التعاون العسكري المتزايد بين طهران وموسكو، قلق مسؤولين أميركيين.

ويستضيف "الحرس الثوري" الإيراني مسابقة لمسيّرات عسكرية مع الجيش الروسي، في قاعدته الجوية بكاشان، جنوب طهران.

وبثّ التلفزيون الرسمي الإيراني لقطات لعناصر في "الحرس الثوري" وهم يرفعون أعلاماً روسية ويقودون عرضاً لجنود روس.

وزعم البيت الأبيض أن إيران استضافت وفداً روسياً في كاشان خلال يونيو الماضي، لعرض مسيّراتها الهجومية.

وأشار إلى أن طهران تدرّب جنوداً روساً على احتمال استخدام هذه الأسلحة في أوكرانيا.

وتنفي طهران أي خطط لمساعدة روسيا في حرب أوكرانيا. وقال الجنرال علي بلالي، وهو ضابط بارز في سلاح الجوّ بـ"الحرس الثوري" الإيراني، إن التدريبات التي تُستخدم فيها المسيّرات، تستهدف مكافحة الإرهاب العالمي.

كما أن المسابقة العسكرية للمسيّرات، التي تشارك فيها أيضاً أرمينيا وبيلاروس، وهما حليفتان لموسكو، بدأت للمرة الأولى في عام 2015، ولكن تستضيفها عادة دولة عضو في الاتحاد السوفيتي السابق، لا إيران.

وفي 9 أغسطس الجاري، أطلقت روسيا قمراً صناعياً إيرانياً من منشأة تسيطر عليها في كازاخستان. وتفيد طهران بأن هذا القمر الاصطناعي سيساهم في تعزيز "القدرات الإدارية والتخطيطية" في الزراعة والموارد المائية وإدارة الكوارث أو مراقبة الحدود.

لكن الولايات المتحدة تشتبه في إمكان أن تستخدم طهران القمر الصناعي للمساعدة في مراقبة تحرّكات القوات الأوكرانية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات