محضر سري للقاء الأسد-خامنئي عشية غزو العراق: استنزاف الأميركيين بـ"فيتنام جديدة" (6 من7)

توقعا صمود صدام فترة أمام الهجوم العسكري.. واتفقا على التنسيق مع تركيا لمنع قيام دولة كردية

time reading iconدقائق القراءة - 22
صورة نشرتها مجلة "المجلة" تحمل صوراً لمسؤوليين منهم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، والرئيس العراقي السابق صدام حسين، والرئيس السوري الحالي بشار الأسد. - المجلة
صورة نشرتها مجلة "المجلة" تحمل صوراً لمسؤوليين منهم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، والرئيس العراقي السابق صدام حسين، والرئيس السوري الحالي بشار الأسد. - المجلة
المجلة-إبراهيم حميدي

بعدما تناولت الحلقات السابقة استعدادات أميركا والإقليم لغزو العراق وتغيير صدام حسين، وتنسيق المعارضة العراقية مع دمشق وطهران للتغيير، نشرت "المجلة" محاضر اجتماعات الرئيس بشار الأسد مع "المرشد" الإيراني علي خامنئي والرئيس محمد خاتمي في طهران في 16 مارس 2003، أي عشية الحرب، للتنسيق الأمني والسياسي والعسكري لإفشال أميركا في العراق:

مع اشتداد الحملة الأميركية على العراق، وحشد القوات في المنطقة، وعجز الولايات المتحدة الأميركية عن إقناع مجلس الأمن باتخاذ قرار يغطي الحرب على العراق، أصبح واضحاً أن الحرب باتت وشيكة خلال أيام، ما أثار القلق في دمشق من امتداد الحرب و"الدومينو"، لا سيما أن موقفها كان داعماً لصدام.

في ضوء ذلك الواقع توجه الأسد ونائبه عبدالحليم خدام ووزير الخارجية فاروق الشرع، ووفد أمني برئاسة المستشار الأمني اللواء محمد ناصيف، إلى طهران في 16 مارس 2003 لمناقشة الوضع مع القيادة الإيرانية و"العمل على توحيد الموقف في مواجهة التطورات الجديدة المقلقة والمقبلة في المنطقة".

وفور وصول الأسد التقى خاتمي، وحسب محضر الاجتماع الذي حصلت "المجلة" على نسخة منه، قال الأسد: "ماذا نستطيع أن نفعل قبل الحرب بوقت قصير؟ وماذا سنفعل في حال حصول الحرب والتي سـتدوم لفترة طويلة، وربما لسنوات، ولا أقصد أنها ستستقر وإن استقرت الولايات المتحدة، وحققت الأمن فستنتقل إلى إيران وسوريا؟".

إن وقعت الحرب لا بد أن لا تكون أميركا منتصرة بسهولة..

 

 

الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي

أجاب خاتمي: "هذه أسئلة صحيحة وفي وقتها.. نحن في إيران نفكر دوماً في هذه النقاط، ودائماً مبعوثي، وخاصة (وزير الخارجية كمال) خرازي، خلال اتصالاته مع الأصدقاء، وخاصة السيد خدام، يأتي على ذكر ذلك.. اسمحوا لي أن أشرح لكم، حول الموضوعين كان لي نشاطان:

الأول: مع (وزير خارجية روسيا إيجور) إيفانوف. والثاني: اتصال مع (الرئيس الفرنسي جاك) شيراك. الملاحظ من كِلا الرجلين أن لديهما قلقاً بأن يتم الاعتداء على العراق، ولكن قلقهما كان أكبر من ذلك، وكِلا الرجلين كان يشير إلى أن الحرب واقعة قريباً".

وقال شيراك لخاتمي، حسب المحضر: "علينا أن نسعى لكي لا ينتشر الاعتداء إلى ما وراء العراق.. أنا قلق بأن مهاجمة العراق هي الخطوة الأولى". وهو كان "حاسماً بحصول الحرب" وقال إن فرنسا "مستعدة لاستخدام الفيتو، ولكن أميركا اسـتعدت للحرب، وموقفهم (الفرنسيين) أن هذا الاتجاه المعارض لأميركا يجعل الحرب، إذا حصلت أن يكون الاعتداء غير مشروع ولنا الحق في التصرف بعد ذلك".

ويقول خاتمي إنه قال لشيراك: "الغارات الجوية قد تكبد العراق وشعبه خسائر جسيمة، ولكن لا تؤدي إلى سقوط صدام، لذلك سيكونون مرغمين على خوض حرب ذرية، وأنا أخمن وأقدر أن الجيش العراقي والحرس سيقومان بالدفاع في المدن.

الانتصار الحاسم الذي تحصل عليه أميركا: تقصر فترة الحرب وتصل للانتصار بفترة قصيرة، وإذا طالت المدة ستخسر أميركا، يكفي أن يعود إلى واشنطن الجنود الأميركيون وينقلب الرأي العام ضد (الرئيس جورج) بوش وسياسته، لذلك أنا لا أعتقد أن هذه الحرب ستتمكن من إنهائها، لكن هناك نقطة غموض: لا أعرف مدى استعداد العراقيين للمقاومة والصمود. أنا لا أريد أن نسمح بوقوع الحرب، لكن إن وقعت لا بد أن لا تكون أميركا منتصرة بسهولة. النقطة الثالثة إن وقعت الحرب ماذا يجب علينا أن نفعل؟".

علق الأسد: "لو كان من يحارب غير الأميركيين لكان سقوط صدام أسرع، لكن تحكم الأميركيين الحماقة، قالوا إنهم سيحسمون الحرب خلال أيام أو أسابيع، لقد حصروا أنفسهم بهذا الزمن دون داع. إذا سألنا العراقي من تكره أميركا أم صدام؟ هناك من يقول صدام ولكن الإحساس أن الشعب العراقي سيقاتل مع صدام، لذلك أعتقد أن مجموعة من العراقيين يهتمون بجانب وآخرين في جانب آخر.

شيء آخر: سيقتل الأميركيون أعداداً كبيرة من العراقيين، عندها سينسى الشعب أن هناك صدام (...) بعد أيام سيكون الجميع ضد أميركا. نحن أكثر دولة نقف مع صدام، وهو أقل دولة تنسق معنا، وهو نظام غريب يعيش في عالم آخر (...) صدام قسم العراق بالأمس إلى أربع مناطق وأنا أعرف منهم علي حسن المجيد الملقب بالكيماوي لقد سلمه إحدى المناطق، وهذا سيقلب الصورة ضد صدام، نحن كسوريين وإيرانيين كيف نتعامل مع المعارضة؟ من الضروري استيعاب المعارضة في الخارج، ولكن لا تستطيع أن يكون لها دور، نحن بحاجة لعلاقات أوسع داخل العراق، بالنسبة لنا في سوريا العلاقة ضعيفة بسبب عدم وجود الثقة بين نظامينا، ولكن هناك (علاقات مع) المعارضة".

في المعارضة العراقية حالتان: الأولى لن تتعامل مع أميركا، والثانية هرولت إليها

الرئيس السوري بشار الأسد

علق خاتمي: "نحن أيضاً لا نعرف ماذا يجري داخل العراق، أنا أقتنع بمثل هذا الشعور المتناقض تجاه صدام وأميركا، وأعتقد إن طالت الحرب ورأى الشعب الخسائر واستطاع الجيش والحرس الجمهوري المقاومة سيكون الزمن على حساب الجانب الأميركي".

وزاد: "يجب علينا أن نكون حذرين من قيام دولة كردية ولا بد من تكريس الفكرة القائلة بأن أكراد إيران هم إيرانيون، وأكراد العراق عراقيون، وأكراد تركيا أتراك، وفي هذا المجال لا بد من طمأنة الأتراك وتبديد مخاوفهم. على كل حال يجب التنسيق بيننا وبينكم وبين المعارضة العراقية في هذه العناصر".

معارضتان

من جهته قال الأسد: "في المعارضة حالتان: الأولى وصلت لمرحلة النضج ولن تتعامل مع أميركا، والثانية هرولت باتجاه أميركا عندما أشارت لها. هؤلاء إن وصلوا إلى الحكم لن يعملوا مع سوريا وإيران، بل سيكونون في الجانب الأميركي، لذلك لا بد من توسيع العلاقات وخلق عناصر أخرى للتنسيق.

العنصر الأكبر هو الأكراد، يوجد خوف ووطن يفكرون في إقامته، هذه النقطة هي الأهم، لقد بحثت هذا الأمر مع (الرئيس التركي آنذلك) عبد الله غول، ومنذ أيام ذهب وفد أمني سوري إلى تركيا. المحور الأساسي للتعاون بين سوريا وتركيا الآن هو موضوع الدولة الكردية، وهذا يجمع كل التيارات في تركيا، العسكر وغيرهم، لأن هذا يقلق تركيا وسوريا وإيران والعراق، ويجب التنسيق بيننا في هذا الموضوع".

إن انتصرت أميركا بسرعة سيكون الأمر صعباً

الرئيس الإيراني محمد خاتمي

وعندما اشتكى الأسد أن "العراقيين لا يُنسقون معنا في أي شيء آخر، وعندما نتحدث معهم عن المعارضة، يقولون نحن لا نخاف من أحد"، قال خاتمي: "المعارضة لا تروق لأحد"، فعلق الأسد: "نستطيع إعطاءها وعوداً وهمية على الطريقة الأميركية، ومع ذلك يمكن طرح الموضوع مع وزير الخارجية العراقي. المشكلة الأولى في الحرب هي صدام نفسه". ثم دار هذا الحوار:

خاتمي: بالنسبة للحرب أميركا تتعامل بقوة، وربما لديها مشاريع وخطط، هل أنتم مطمئنون من إمكانية قيام الجيش بعمل ما في الداخل؟ إن انتصرت أميركا بسرعة سيكون الأمر صعباً". 

الأسد: الحل في المقاومة.

خاتمي: إذا وقعت الحرب؟

الأسد: يجب الإعداد للمقاومة قبل الحرب.

خاتمي: لا بد من وجود عدة أهداف: أولاً، لا نريد وقوع الحرب، وثانياً إن قامت لا نريد أن تنتهي بسرعة، وثالثاً مستقبل العراق، يجب العمل والتنسيق لتحقيق هذه الأهداف، ولا بد من التباحث حول كيفية التعامل مع المعارضة. النقطة الأخرى هي أنه يجب معرفة ما يجري داخل العراق وكيفية التأثير فيه، وكذلك الأمر بالنسبة لمستقبل العراق، يجب أن تنصب جهودنا لتجنب الطائفية، ويجب أن يكون شرطُنا للعمل مع المعارضة هو التزامها بعدم إثارة المشاكل، نحن لا نفرق بين سُني وشيعي، إن حدث أمر كهذا، وهذا ما يقلقني، فإن المعارضة ستسقط وهذا يسبب خسارة. 

الأسد: للطرح الطائفي في العراق نتائج سلبية. قبل طرح أي أمر يجب أن يكون له هدف، التركيز على المعارضة يخيف الأميركان، لكن هذا يتطلب بحث العلاقات مع العشائر، اليوم يوزع الأميركان الأموال والهواتف على رؤساء العشائر، لا أعرف إن كان هؤلاء سيلتزمون مع أميركا ولكنهم في الوقت الحالي سعداء بالأموال. ما هي علاقتكم بالعشائر؟

الأسد لخامنئي: بغض النظر عن صدام ستبدأ المقاومة المسلحة، ولا بد من البدء بالتنسيق قبل بدء الحرب

خاتمي: لا توجد علاقات بيننا، لكني أعتقد أن للمعارضة اتصالات مع العشائر ولها ارتباطات أخرى. 

الأسد: سيكون التعامل صعباً إلى حد ما. 

وهنا تدخل خدام: لدي اقتراح: إن وجهتَي نظر سوريا وإيران متطابقتان، لا بد من إيجاد منهجية للعمل، هناك عدة أطراف للمعارضة مخترَقة من قِبل الأميركان، أقترح تشكيل مجموعة عمل تدرس المعارضة العراقية، هناك الكثير من أطراف المعارضة رفضت العمل تحت المظلة الأميركية، وهناك من يعتقد أن الحرب فرصة مناسبة للانقضاض على النظام".

الأسد- خامنئي: الاتفاق

بعد ذلك توجه الأسد وخدام وخاتمي للقاء "المرشد" علي خامنئي الذي بدأ الحديث مُرحباً بنا متمنياً أن "تكون الزيارة مفيدة لكِلا البلدين". وحسب المحضر السري للاجتماع قال الأسد: "التنسيق بين بلدينا عال وبكل تأكيد ستحقق الزيارة النجاح، وستضفي هذه الزيارة بعض "الرتوش" على التنسيق بين بلدينا، عكَس نقاشنا (مع خاتمي) اليوم تطابق وجهات النظر بين بلدينا. لقد ناقشنا موضوع العراق بشكل موسع، يوجد تحليلات كثيرة حول هذا الموضوع. الرؤية سوداوية حول هذا الموضوع، والنقاط البيضاء فيه هي تحالفنا ومواقفنا وتاريخنا، لقد سقطت الأقنعة وكل شيء اتضح، أميركا عبرت عن موقفها وقالت إنها تريد احتلال العراق وتنصيب حاكم عسكري، وقالت إنها ستحارب بعد ذلك سوريا وإيران وأي دولة لا تعجبها، نحن ندرك قوة أميركا العسكرية وإمكانات سوريا وإيران. ولكن نحن أصحاب الأرض".

وتابع الأسد: "قلنا في البداية إننا لا نريد حدوث الحرب لأنها ضارة للجميع، لكن من غير المعقول أن نجلس وننتظر مجيئها إلينا لاحقاً، لا توجد دولة جارة للعراق تملك قرارها سوى سوريا وإيران، لكن أعتقد أن أهم شيء يمكن أن يحدث في حال حصول الحرب هو امتدادها حتى تتعب أميركا، الشعب العراقي لا يقبل الاحتلال الأميركي وبغض النظر عن صدام ستبدأ المقاومة المسلحة، ولا بد من البدء بالتنسيق قبل بدء الحرب، لأن نجاح أميركا في العراق يعني انتقالها إلى فلسطين والقضاء على المقاومة هناك، وهذا يعني أن إسرائيل هي التي ستقرر مصير جميع دول المنطقة بما فيها إيران وسوريا. هذه هي الخطوط العامة، اتفقنا على التنسيق بين وزارتينا، وسيُطلعنا موفدوكم على التفاصيل".

من جهته قال خامنئي: "شكراً جزيلاً على هذا التحليل الجيد حول ما يجري في المنطقة، الحقيقة هي أن دولتينا شقيقتان، تجمعنا أمور كثيرة ومخاطر مشتركة، وهذا بحد ذاته عامل تشجيع لزيادة التعاون بيننا. تواجه المنطقة وضعاً خطراً. تتميز القضية العراقية بأقصى درجات الأهمية، هذا بالإضافة إلى القضية الفلسطينية التي احتجبت للأسف أمام الرأي العام العالمي تحت الغبار الناتج عن المسألة العراقية، رغم أنها المسألة الأكثر أهمية.

إن حصلت الحرب فيجب علينا اتباع السياسة العامة التي ستمنع هذا التمساح من ابتلاع اللقمة بسهولة

"المرشد" الإيراني علي خامنئي

ما يجري في فلسطين لم يسبق له مثيل في التاريخ، إن الهجمة الوحشية والهمجية ضد الشعب الفلسطيني والعمليات الاستشهادية تبعث على الحيرة والإعجاب. لا يملك الفلسطينيون سوى العمليات الاستشهادية، وتمارس عليهم ضغوط وهجمات دعائية وإعلامية من قِبل أميركا والصهيونية وكثير من دول العالم بما فيها الدول الإسلامية.

هناك بعض مراكز الفكر أصبحت تدين العمليات، وبعض الدول الجارة أيضاً تدين هذه العمليات، وكما تفضلتم فإن سوريا وإيران هما الدولتان الوحيدتان اللتان أصدرتا قراراً مستقلاً، وهذا القرار تمثل في دعمكم العمليات بوقت واضح وصريح، وكان هذا موقفاً جيداً جداً وشجاعاً، وكان له تأثير واضح في استمرار المقاومة والصمود، لأن المقاومة الفلسطينية والقوى الجهادية في لبنان كونتا مكانة جيدة. متى كانت إسرائيل تحارب دولة عربية وتطول هذه الحرب لمدة سنتين دون أن تسجل نصراً، تحارب الفلسطينيين منذ سنتين ونصف، ولم تتمكن من احتوائهم، وإن لم يفقد هذا الشعب صموده فإن هذا سيؤدي إلى سقوط النظام الصهيوني. وطبعاً هذا يأتي بشكل تدريجي خلال مراحل يمكن التنبؤ بها سياسياً".

وتابع خامنئي موجهاً كلامه للأسد: "تأييداً لما تفضلتم به عندما قلتم: إن طالت الحرب ستكون الهزيمة لأميركا، لكن يجب إيجاد وسيلة لذلك، أول ما يجب علينا القيام به والاجتهاد من أجله ومتابعته هو الحيلولة دون وقوع الحرب، وقد بذلتم جهوداً كبيرة في هذا المجال، الرئيس خاتمي وحكومته بذلوا جهوداً كبيرة في هذا المجال، ولا شك أنها لم تكن دون جدوى، لقد تأخرت الحرب وإن استمر التأخير لن تقع، الحرب تقع على عاتق القوى البشرية، والسلاح هو ما تستهدفه القوى البشرية، فإذا ضعفت معنويات القوى البشرية فلن يكون السلاح مجدياً، لذلك رغم أنه لم يبقَ من المهلة الأميركية إلا أيام فأنا على قناعة أن هذه الجهود لن تثمر في اللحظة الأخيرة".

وأضاف: "إن حصلت الحرب فيجب علينا اتباع السياسة العامة التي ستمنع هذا التمساح من ابتلاع اللقمة بسهولة، ويأتي هذا من خلال العمل الإعلامي والاتصالات السياسية والمعارضة العراقية نفسها، أنا لا أعلق أي أمل على جيش صدام والقوات الموالية له، إن كان الطرف الثاني هؤلاء فإنهم ليسوا من أهل الصمود وقد جربنا هذه الحقيقة في الماضي، لكن بالنسبة للشعب العراقي والعشائر من العراقيين فهم لاجئون، إن علقنا الآمال على هؤلاء فيجب بذل الجهود فهم قوى فاعلة ومؤثرة.

بالنسبة للأميركان فإن المحرك الذي يوجه القوة الفكرية التي تدفع الأميركان نحو هذه الحركة ليس مستمراً ودائماً، فهؤلاء يريدون أن يقوموا بما قاموا به في القرن الثامن عشر، وهذا غير ممكن، أن يأتوا ويحتلوا الأرض العراقية ويسيطروا على آبار النفط، لأن هذا لا يتناسب مع عالمنا المعاصر، يعني بالإمكان تحقيق عدم النجاح، يمكنهم السيطرة وغرس حاكم عسكري، ولكن لا يمكن الاستمرار بذلك، الخطة الأميركية أوسع من العراق بكثير، وهذه الخطة قد وضعت بعد 11 سبتمبر وبعد وصول بوش للإدارة، وربما بعد هذه الأحداث والأمور تم تمهيد الأرضية لمثل هذه الخطة، لكنها خطة قديمة ومدروسة مسبقاً، والهدف هو ما ينطقون به حالياً، يقولون إنهم يريدون تغيير الجغرافيا السياسية في المنطقة، وما أُدركه أن مثل هذه العملية أكبر بكثير من إمكانات وقوة أميركا رغم قدرتها العسكرية، هؤلاء لا يستطيعون الصمود في وجه شعوب المنطقة، طبعاً يستطيعون تكبيدنا الخسائر وإنزال الضربات وتحقيق النجاح في البداية لكن في النهاية ستكون الخسارة لهم".

السبيل الوحيد هو المقاومة، وتصوري أن هذه المقاومة ستكون طويلة كما حصل في فيتنام

"المرشد" الإيراني علي خامنئي

ومضى قائلاً: "علينا تفادي الحرب قدر استطاعتنا، فإن أصبحنا فيما يتمثل بالتعميم الأميركي أو الخطة لن يكون أمامنا من خيار سوى الصمود والمقاومة، وكل المؤشرات تُشير إلى أن المقاومة ستكلل بنجاح شعوب المنطقة وانهيار الكيان الأميركي كقوة عظمى. نحن نعلم أن ما قام به الأميركان وما سيقومون به سيؤدي إلى تقارب شعوب المنطقة، لقد أشرتم إلى تعرض سوريا وإيران للتهديد الأميركي".

وأشار إلى أن دولاً عربية وخليجية تواجه "تهديداً ليس بأقل من الذي تواجهه إيران وسـوريا".

علق الأسد: "لدينا تجربتان مهمتان للمقاومة: فلسطين ولبنان. سوريا وإيران عملتا على احتواء المقاومة اللبنانية في وقت كانت سوريا تعاني الحصار، الوضع الفلسطيني اليوم أصعب لكن نستطيع إعطاءهم المعنويات وهذا ما نفعله، طالما بقينا صامدين سيصمد الآخرون، وإن سقطت المقاومة في لبنان وفلسـطين وسوريا وإيران ستسقط المقاومة في العراق، المواطن العادي يكره صدام، لذلك نقول اليوم بوجوب التركيز على المواطن الذي لا ينتمي إلى أميركا ولا لأي جهة أخرى، عدم نجاح أميركا هو هزيمة لها، وإن لم نستطع هزمها يجب أن يبقى الوضع متفجراً ويجب أن تكون هناك عمليات استشهادية، أكثر شيء يخيف الأميركان هو أن نقول لهم سيموت أبناؤكم في العراق، في كل الأحوال نحن لسنا مطمئنين، يجب أن نُبقي القنوات كما هي، خاصة في هذه الأيام، وإن ظهرت اليوم بعد لقاء "بوش- بلير- أزنار" (رئيس أميركا، ورئيسا وزراء بريطانيا وإسبانيا) بوادر حرب يجب أن تكون هناك غرفة عمليات يشارك فيها القائم بالأعمال السوري مع الخارجية. نحن موجودون هنا وهم غرباء والوقت لصالحنا، ورغم الظروف السيئة فأنا أميل للتفاؤل وأعتقد أنكم تشـاركوننا هذا الشعور".

خامنئي: المقاومة طويلة

عقّب خامنئي: "لقد سمعت من سيادة الرئيس بشار الأسد ما كنت أتوخاه، المسألة كلها تتلخص في الصمود والمقاومة، الأميركان يحاولون إضافة الآخرين كي لا يقاوموا، ولكن السبيل الوحيد هو المقاومة، وتصوري أن هذه المقاومة ستكون طويلة الأمد كما حصل في فيتنام. إبان حرب فيتنام كان الوضع الداخلي في أميركا أفضل مما هو عليه الآن سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو المصداقية. أميركا اليوم تعاني اقتصادياً واجتماعياً وقد خسرت مصداقيتها العالمية في عيون الكثير من الشعوب والدول. أنا أشارككم التفاؤل ونحن موافقون على التعاون الذي أشرتم إليه، نحن بحاجة إلى هذا التعاون كي نستطيع إبعاد المخاطر وإجبار العدو على التوقف، ويجب علينا أن لا نهمل القضية الفلسـطينية.

كان لقرار حل الجيش وأجهزة الأمن دور كبير في "نشوء المقاومة في العراق"

 

يجب التفكير بما يمكن عمله لعرقلة طريق أميركا بهدف تحقيق أهدافها، عن طريق المقاومة الفلسطينية ولا بد من مساعدتها لأقصى حد ممكن سواء كانت المساعدة معنوية أو أي نوع آخر".

وكتب خدام في أوراقه الخاصة: "تم الاتفاق خلال هذه الزيارة على الاستمرار بتبادل وجهات النظر والعمل على توحيد المواقف، وتم تشكيل لجنة أمنية لمتابعة الوضع العراقي من اللواء محمد ناصيف من سوريا، والعقيد قاسم سليماني من المخابرات الإيرانية. وشكلت هذه الزيارة تطوراً واضحاً باتجاه إعادة الحرارة إلى العلاقات السورية– الإيرانية". وزاد أنه بعد أيام شنت القوات الأميركية الحرب على العراق، وخلافاً لما تُوقع فإن الشعب العراقي لم يقاتل وحقق الأميركان نصراً سريعاً غير متوقع.

وبعد فترة وجيزة شكل الحاكم الأميركي بول بريمر مجلس الحكم الذي ضم بين أعضائه عدداً من حلفاء إيران من الأحزاب والشخصيات الإسلامية والذين شكلوا أكثرية أعضاء المجلس.

كان للقرار الذي اتخذه الحاكم الأميركي بحل الجيش وأجهزة الأمن واجتثاث حزب "البعث" دور كبير في "نشوء المقاومة في العراق"، حسب إحدى الوثائق التي أضافت: "أدى تشكيل مجلس الحكم والقرارات التي صدرت عنه وأخذت طابعاً انتقامياً دوراً في تأجيج الصراع المذهبي في العراق بالإضافة إلى أن المقاومة ضد الاحتلال كانت في غرب العراق بينما كانت القوات المحتلة مرتاحة آنذاك في بغداد وفي جنوب العراق".

*غداً حلقة سابعة وأخيرة، محضر لقاء الأسد– باول بعد سقوط صدام... هذه قائمة المطالب الأميركية لـ "الاستسلام"

*هذا المحتوى من مجلة "المجلة"

تصنيفات

قصص قد تهمك