انتخابات إيران.. منافسة تعزز سيطرة المحافظين وسط توقعات ضعف المشاركة

المرشحون يركزون على المشكلات الاقتصادية في ظل تساؤلات بشأن خلافة خامنئي

time reading iconدقائق القراءة - 10
مركبات تمر أمام لوحة إعلانية تعرض صور مرشحي انتخابات الرئاسة الإيرانية في ميدان ولي عصر بوسط طهران. 15 يونيو 2024 - AFP
مركبات تمر أمام لوحة إعلانية تعرض صور مرشحي انتخابات الرئاسة الإيرانية في ميدان ولي عصر بوسط طهران. 15 يونيو 2024 - AFP
دبي -يوسف تفروين

يصوت الناخبون في إيران، الجمعة، في انتخابات رئاسية مبكرة لاختيار خليفة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي لقي مصرعه في حادث تحطم مروحية في 20 مايو الماضي.

ومن المتوقع أن يهيمن على هذه المنافسة المحافظون (المتشددون)، الذين كانوا يشاركون رئيسي وجهات نظره المناهضة للغرب. 

ومن بين أكثر من 80 شخصاً سعوا إلى الترشح، أعلنت السلطات المختصة تأهل 6 مرشحين بناء على تدقيق من جانب مجلس صيانة الدستور، وهو لجنة من رجال الدين والقانون يشرف عليها المرشد الإيراني علي خامنئي.

وبينما يدير الرئيس الشؤون اليومية للدولة، تبقى السلطة الحقيقية في القضايا الهامة مثل البرنامج النووي الإيراني، والسياسة الخارجية في أيدي خامنئي، الذي يسعى إلى رئيس "مخلص" يمكنه الوثوق به. إذ يمكن أن يلعب هذا الأخير دوراً محورياً في تحديد مستقبل منصب المرشد الأعلى.

كيف يبدو المشهد السياسي؟

من المتوقع أن يصوت المؤيدون المخلصون للمؤسسة الدينية لصالح غلاة المحافظين، وربما يمتنع كثير من الإيرانيين عن التصويت بسبب الخيارات المحدودة بين المرشحين، والاستياء من حملة قمع المعارضين، والغضب من تدهور مستويات المعيشة.

وكشفت الاضطرابات التي اندلعت بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني عام 2022 بعد أن اعتقلتها "شرطة الأخلاق"، عن انقسام آخذ في الاتساع بين الإصلاحيين وقاعدة نفوذهم، بعد أن نأى قادتها بأنفسهم عن المتظاهرين الذين طالبوا بـ"تغيير النظام".

ويظل الإصلاحيون مخلصين للحكم الديني في إيران، لكنهم يدعون إلى وفاق مع الغرب، والإصلاح الاقتصادي، والتحرر الاجتماعي، والتعددية السياسية.

ودعا المعارضون الإيرانيون، في الداخل والخارج على حد سواء، إلى مقاطعة الانتخابات، ويتداولون وسم "سيرك الانتخابات" على منصة "إكس" على نطاق واسع، معتبرين أن نسبة المشاركة العالية من شأنها أن تضفي الشرعية على الانتخابات.

ومع ذلك، حذر سياسيون إصلاحيون بارزون، من أن انخفاض الإقبال على التصويت يسمح لغلاة المحافظين بمواصلة السيطرة على جميع أجهزة الدولة.

وفاز رئيسي في الانتخابات التي أجريت عام 2021، وبلغ معدل التصويت فيها نحو 49% من الناخبين الذين لهم حق التصويت، مقارنة بإقبال بلغ 70% في انتخابات عام 2017 و 76% عام 2013، وسط لا مبالاة من الناخبين على نطاق واسع.

وتجنب المرشحون الخمسة من غلاة المحافظين إلى حد بعيد، مناقشة الحريات الاجتماعية والسياسية خلال حملاتهم ومناظراتهم التلفزيونية، في حين اعترفوا بالمشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، دون تقديم خطط محددة لمعالجة الأزمة.

في المقابل يدافع مسعود بيزشكيان، وزير الصحة السابق البالغ من العمر 69 عاماً، عن الحريات الاجتماعية ويدعم حقوق المرأة والأقليات العرقية في الجمهورية الإسلامية. وتعهد برعاية سياسة خارجية "أكثر عملية".

من هم المرشحون؟

وافق مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة تدقيق متشددة من رجال الدين ورجال القانون الموالين لخامنئي، على 5 مرشحين من غلاة المحافظين، ومرشح معتدل واحد مغمور من بين 80 سعوا للترشح.

1 - محمد باقر قاليباف، القائد السابق في الحرس الثوري الإيراني وحليف خامنئي، وهو من بين غلاة المحافظين البارزين، ويترأس حالياً البرلمان الذي يهيمن عليه غلاة المحافظين. وترشح في انتخابات الرئاسة مرتين قبل ذلك دون جدوى، واضطر إلى الانسحاب من محاولة ثالثة عام 2017 لمنع انقسام الأصوات المناصرة لغلاة المحافظين في انتخابات رئاسية ترشح فيها رئيسي للمرة الأولى لكنه لم يفز.

واستقال قاليباف من الحرس الثوري في عام 2005، من أجل الترشح للرئاسة. وبعد فشل حملته الانتخابية تولى منصب رئيس بلدية طهران بدعم من الزعيم الأعلى، وبقي في المنصب لمدة 12 عاماً.

2 - سعيد جليلي، دبلوماسي من غلاة المحافظين فقد ساقه اليمنى في ثمانينيات القرن الماضي عندما كان يقاتل في صفوف الحرس الثوري خلال الحرب الإيرانية العراقية.

وسبق أن أعلن جليلي، الحائز على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية، أنه من أخلص المؤمنين بما يعرف بنظرية "ولاية الفقيه" أو حكم الزعيم الأعلى.

وشغل جليلي، الذي عينه خامنئي، منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي لمدة 5 سنوات بداية من 2007، وهو المنصب الذي جعله تلقائياً كبير المفاوضين في الملف النووي. كما عمل لمدة 4 سنوات في مكتب خامنئي وخاض انتخابات الرئاسة عام 2013 لكنه لم يفز.

3 - مسعود بيزشكيان هو المرشح المعتدل الوحيد الذي قرر مجلس صيانة الدستور قبوله لخوض الانتخابات، كما يتمتع النائب البرلماني الذي تعود أصوله لأذربيجان بدعم الإصلاحيين. وتعتمد فرص بزشكيان على جذب ملايين الناخبين المحبطين الذين لم يشاركوا في الانتخابات منذ عام 2020.

وشغل بيزشكيان، وهو جراح قلب، منصب وزير الصحة خلال ولاية الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي في الفترة من عام 2001 إلى عام 2005، ويشغل مقعداً في البرلمان منذ عام 2008.

وجهر بيزشكيان بانتقاد بلاده بسبب افتقارها إلى الشفافية بشأن وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني عام 2022، وسبق أن حُرم من خوض الانتخابات الرئاسية في عام 2021.

4 - مصطفى بور محمدي، هو رجل الدين الوحيد بين المرشحين، وشغل منصب وزير الداخلية خلال الولاية الأولى للرئيس السابق أحمدي نجاد من عام 2005 حتى عام 2008، كما تولى منصب نائب وزير الاستخبارات (الأمن الداخلي) في الفترة من عام 1990 إلى عام 1999، واتهمته منظمات حقوقية بالضلوع في الاغتيالات التي وقعت داخل إيران واستهدفت عدداً من المفكرين المنشقين البارزين عام 1998.

ولم يعلق محمدي على هذه الاتهامات، لكن وزارة الاستخبارات قالت في بيان عام 1998: "ارتكب عدد قليل من عملاء الوزارة غير المسؤولين والمنحرفين والمارقين، الذين كانوا على الأرجح دمى في أيدي آخرين، الاغتيالات بتكليف من أجانب".

5 - حسين قاضي زاده هاشمي حالياً منصب مساعد رئيس الجمهورية وأيضاً رئيس منظمة الشهداء، وهو نائب سابق من غلاة المحافظين حصل على عدد محدود من الأصوات في الانتخابات الرئاسية لعام 2021.

6 - علي رضا زاكاني، هو القائد السابق لميليشيا "الباسيج" التابعة للحرس الثوري، ورئيس بلدية طهران ونائب برلماني سابق من غلاة المحافظين، وسبق استبعاده من المنافسة في انتخابات الرئاسة عامي 2013 و2017، كما انسحب من انتخابات الرئاسة عام 2021 لصالح رئيسي.

وهذه المرة قال زاكاني في تدوينة على منصة "إكس": "في انتخابات 2024 سأبقى وأنافس حتى النهاية لمواصلة طريق (رئيسي)".

كيف تمر عملية التصويت؟

وافق مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة تدقيق متشددة من رجال الدين ورجال القانون الموالين لخامنئي، على خمسة مرشحين من المحافظين ومرشح معتدل واحد مغمور من بين مجموعة كانت تضم 80 مرشحاً.

هذا المجلس، الذي يفحص المرشحين حسب مؤهلاتهم السياسية والإسلامية، عبارة عن لجنة مكونة من 12 رجل دين عيّنهم الزعيم الأعلى، ورشحتهم السلطة القضائية ووافق عليهم البرلمان.

وللترشح لمنصب رئيس الجمهورية، يجب أن "يكون المرشح من أصل إيراني ومواطن إيراني وشخصية سياسية أو دينية بارزة مع سجل لا تشوبه شائبة من الإخلاص لمبادئ الجمهورية الإسلامية".

ويمنع مجلس صيانة الدستور النساء من الترشح للرئاسة، رغم أن بعض كبار رجال الدين وخبراء القانون في مجال حقوق الإنسان يقولون إن الدستور لا يستثني النساء من الترشح.

ويحق لجميع المواطنين الإيرانيين البالغين من العمر 18 عاماً فما فوق، التصويت في الانتخابات، ما يعني أن أكثر من 61 مليوناً من سكان إيران البالغ عددهم أكثر من 85 مليوناً مؤهلون للإدلاء بأصواتهم.

ويجري فرز جميع الأصوات يدوياً، لذلك لن يتم الإعلان عن النتيجة النهائية قبل يومين على الأقل، لكن النتائج الأولية ربما تظهر قبل ذلك.

وإذا لم يحصل أي مرشح على 50% من الأصوات بالإضافة إلى صوت واحد من جميع الأصوات، بما يشمل البطاقات التي لم يختر أصحابها أياً من المرشحين، تجرى جولة ثانية بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات.

هل تؤثر هذه الانتخابات على سباق خلافة خامنئي؟

وبينما يختار الإيرانيون رئيساً جديداً لبلادهم، من المتوقع أن تؤثر نتيجة الانتخابات على سباق خلافة المرشد الإيراني علي خامنئي، صاحب القول الفصل في البلاد.

وكان يُنظر إلى رئيسي على نطاق واسع باعتباره خليفة محتملاً لخامنئي، وأثارت وفاته المفاجئة سباقاً بين غلاة المحافظين الذين يسعون للتأثير على اختيار الزعيم الأعلى القادم.

ومع بلوغ الزعيم الأعلى لإيران الآن 85 عاماً، فمن المرجح أن يشارك الرئيس القادم بشكل كبير في العملية النهائية لاختيار خليفة لخامنئي، الذي ضمن أن يهيمن المرشحون الذين يشاركونه وجهات نظره المتشددة على السباق الرئاسي.

وتتزامن الانتخابات مع تصاعد التوتر في المنطقة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، وزيادة الضغوط الغربية على طهران بسبب برنامجها النووي الذي يتقدم بسرعة، وتزايد المعارضة الداخلية وسط أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية.

ومع ذلك، فإن الخلافة الوشيكة لخامنئي المعادي للغرب بشدة هي الشغل الشاغل لدى النخبة الدينية الحاكمة في البلاد.

وفي حين يتمتع دور الرئيس بأهمية كبيرة على الصعيد الدولي، فإن السلطة الحقيقية تكون في أيدي المرشد الأعلى، صاحب القول الفصل في شؤون الدولة مثل السياسات الخارجية أو النووية ويسيطر على جميع فروع الحكومة والجيش والإعلام والجزء الأكبر من الموارد المالية.

تصنيفات

قصص قد تهمك