قمة بايدن وشي.. ملفات ساخنة ومساعٍ لتصويب العلاقة

time reading iconدقائق القراءة - 12
الرئيسان، الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينج، حين كانا نائبين للرئيس، يسيران في إقليم سيتشوان بالصين، 21 أغسطس 2011 - AFP
الرئيسان، الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينج، حين كانا نائبين للرئيس، يسيران في إقليم سيتشوان بالصين، 21 أغسطس 2011 - AFP
دبي- الشرق

تأتي القمة التي طال انتظارها بين الرئيسين، الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينج، وستُعقد افتراضياً الاثنين، في ظروف متباينة بالنسبة إلى الرجلين، إذ إن شعبية بايدن سجّلت تراجعاً قياسياً في بلاده، فيما خرج شي من اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الأسبوع الماضي، بوصفه شخصية تاريخية في البلاد، رُفعت إلى مصاف الزعيمين الراحلين، ماو تسي تونج ودينج شياو بينج.

وإذ لم يغادر شي الصين، منذ تفشي فيروس كورونا المستجد، اقترح مسؤولو البيت الأبيض عقد قمة افتراضية، من أجل إجراء نقاش "جوهري" بشأن ملفات "أدت إلى توتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين"، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس"، علماً أن الرئيسين تحدثا هاتفياً مرتين منذ تنصيب بايدن مطلع العام، آخرهما في سبتمبر الماضي.

وأعرب الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، وانج وينبين، عن الأمل بأن تعيد القمة "العلاقات بين الصين والولايات المتحدة إلى المسار الصحيح للتنمية السليمة والمستقرة". وذكرت "أسوشيتد برس" أن البيت الأبيض خفّض سقف التوقعات من القمة، مستبعداً أن تخرج بإعلانات أساسية، علماً أن الناطقة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، أشارت إلى أن الرئيسين "سيناقشان سبل إدارة التنافس (بين البلدين) في شكل مسؤول"، وطريقة "العمل معاً عندما تلتقي مصالحنا".

"لقاء في منتصف الطريق"

قد تكون مسألة "تلاقي مصالح" الجانبين، أساسية لترتيب علاقاتهما، علماً أنهما أثبتا قدرتهما على العمل معاً والتوصل إلى تفاهمات، كما حصل أخيراً في قمة الأمم المتحدة للمناخ بمدينة جلاسكو، في إعلان مفاجئ أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن بايدن وشي "شجّعا مندوبيهما" على التوصل إليه قبل قمتهما الافتراضية.

كذلك توصل الجانبان إلى تسوية بشأن المديرة المالية لشركة "هواوي" الصينية، مينج وانتشو، التي احتُجزت في كندا بطلب أميركي، بالتزامن مع إفراج بكين عن كنديَّين اعتقلتهما بتهمة تجسّس، في تطوّر اعتبرت "وول ستريت جورنال" أنه أسبغ "بُعداً براغماتياً" على علاقات الجانبين.

وكان لافتاً أن وزير الخارجية الصيني، وانج يي، أبلغ نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، خلال اتصال هاتفي السبت، أن "على الجانبين أن يلتقيا في منتصف الطريق" خلال قمة شي وبايدن. أما بلينكن فتحدث عن 3 "أبعاد" للعلاقات مع بكين، تشمل "التعاون والتنافس والمواجهة".

ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مسؤول بارز في الإدارة الأميركية، أن الدافع الرئيس للمحادثات بين الجانبين، هو حاجتهما إلى إقامة حواجز تضمن عدم تحوّل تنافسهما إلى نزاع. وأضاف أن الولايات المتحدة تعتقد أن تحديد شروط علاقات البلدين، يتيح استمرار المنافسة القوية بينهما.

يُرجّح أن يناقش شي وبايدن ملفات ساخنة كثيرة، لعل أبرزها الحرب التجارية بين بلديهما، وتايوان، وحقوق الإنسان في إقليم شينجيانج الصيني، والقرصنة الإلكترونية الصينية و"التهديد" الذي تعتبر الولايات المتحدة أن شركات التكنولوجيا الصينية تشكّله على أمنها، إضافة إلى مسألة منشأ كورونا، والوضع في هونج كونج ومساعي بكين لتحديث ترسانتها العسكرية ومطالبها في بحر الصين الجنوبي.

الحرب التجارية

آخر قمة أميركية صينية، جمعت شي بالرئيس السابق دونالد ترمب، في عام 2019، حققت اختراقاً في ملف الحرب التجارية التي شنّها الأخير، قبل تفشي كورونا وتراجع العلاقات بين البلدين، بحسب "بلومبرغ".

وأشارت شبكة "سي إن بي سي" إلى أن بكين تضغط على إدارة بايدن لرفع التعريفات الجمركية التي فُرضت في عهد ترمب، على سلع صينية تتجاوز قيمتها 350 مليار دولار. لكن واشنطن أبقت التعريفات، وتحاول فتح جولة جديدة من المحادثات التجارية.

وتأتي القمة بعدما ناقشت الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي، ونائب رئيس الحكومة الصينية ليو هي، تنفيذ بكين اتفاقاً للمرحلة الأولى أُبرم خلال إدارة ترمب ويتضمّن التزام الصين بمحاولة شراء سلع أميركية إضافية بقيمة 200 مليار دولار، في عامَي 2020 و2021، مقارنة بمشترياتها في عام 2017. ووافقت بكين أيضاً على معالجة مخاوف أميركية، في مجالات مثل الزراعة وحماية الملكية الفكرية، علماً أنها لا تزال بعيدة عن بلوغ هدف 200 مليار دولار.

شركات التكنولوجيا الصينية

ترى الولايات المتحدة في شركات التكنولوجيا الصينية تهديداً محتملاً لأمنها، إذ تشتبه بارتباطها بالسلطات الصينية، كما تسعى إلى تعزيز قدرتها على منافستها.

في يونيو الماضي، أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي "نصاً تاريخياً" بموازنة تبلغ 250 مليار دولار، لمواجهة "التهديد التكنولوجي الصيني"، اعتبرت بكين أنه يكشف "جنون العظمة" لدى واشنطن. جاء قرار المجلس بعدما أصدر بايدن أمراً تنفيذياً يوسّع الحظر المفروض على استثمار الأميركيين في الشركات المرتبطة بالجيش الصيني.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن الولايات المتحدة تستهدف كبح قوة متزايدة لشركات التكنولوجيا الصينية، نتيجة مخاوف مرتبطة بالأمن القومي. ويشمل ذلك "هواوي" و"تشاينا يونيكوم" و"كوم نت" و"تشاينا موبايل"، علماً أن مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأميركية حذروا الشركات الأميركية من أخطار التعامل مع بكين في قطاعات الصناعات الحيوية، كما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز".

القرصنة الإلكترونية

في السياق ذاته، اتهم بايدن الصين بحماية منفذي هجمات سيبرانية تستهدف شركات، مشيراً إلى أنها "ربما تؤمّن لهم الوسائل لتنفيذها". جاء ذلك بعدما حمّلت شركة "مايكروسوفت" قراصنة مرتبطين ببكين، مسؤولية قرصنة واسعة استهدفت خدمة "إكستشانج" للمراسلة التابعة للمجموعة الأميركية، في مارس الماضي.

واتهمت الولايات المتحدة ودول حليفة، إضافة إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الصين بتنفيذ هجمات إلكترونية استهدفت "مايكروسوفت" وقطاعات أخرى حيوية، ملوّحة بتدابير انتقامية. لكن بكين وصفت هذه الاتهامات بـأنها "مجرد مزاعم بلا أساس وغير مسؤولة" و"ذات دوافع سياسية".

شينجيانج

تقود واشنطن حملة دولية لإدانة بكين، نتيجة حملة تشنّها لـ"إعادة تثقيف" مسلمي أقلية الأيجور في إقليم شينجيانج، وتشمل السخرة واعتقالاً جماعياً لأكثر من مليون شخص في معسكرات لـ"إعادة التأهيل"، وتعقيماً مزعوماً لنساء الأويجور، بحسب "سي إن بي سي"، وهو ما تنفيه بكين.

وفي مارس الماضي، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على مسؤولين في شينجيانج، كما أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي تشريعاً يحظر استيراد أي منتجات من الإقليم. ووصف بلينكن معاملة الأيجور في الصين بأنها "إبادة جماعية"، فيما نددت بكين بـ"أكاذيب أميركية".

منشأ كورونا

أفاد تقرير أصدرته أجهزة الاستخبارات الأميركية الشهر الماضي، بأنها قد لا تتمكّن من التوصل إلى نتائج حاسمة بشأن إمكانية انتقال كورونا من الحيوان إلى الإنسان، أو تسرّبه من مختبر صيني.

التقرير الذي أُعدّ بطلب من بايدن، خلص إلى أن الفيروس "لم يُطوّر كسلاح بيولوجي"، مشيراً إلى أن "المسؤولين الصينيين لم تكن لديهم معرفة مسبقة بالفيروس" قبل ظهوره في مدينة ووهان، في ديسمبر 2019.

ووصفت بكين نتائج تحقيق الاستخبارات الأميركية بأنه "مسيّس وكاذب" و"غير موثوق به علمياً"، علماً أنها رفضت دعوة أطلقتها "منظمة الصحة العالمية"، لإجراء تحقيق جديد على أراضيها بحثاً عن منشأ الجائحة.

هونج كونج

نددت الولايات المتحدة وحلفاؤها بحملة تشنّها بكين في هونج كونج، لكبح الحركة المؤيّدة للديمقراطية، لا سيّما بعدما فرضت قانوناً صارماً للأمن القومي في المدينة، يعاقب على كل ما تعتبره الصين "تخريباً أو انفصالاً أو إرهاباً أو تواطؤاً مع قوى أجنبية".

وأعدّت بكين لائحة تضم أكثر من 100 واقعة، اعتبرت أنها تشكّل" تدخلاً أميركياً" في شؤون هونج كونج، كما اتهمت واشنطن بمحاولة تضليل الشركات الأميركية والدولية في المدينة، من خلال تشويه سُمعة قانون الأمن القومي، وبيئة الأعمال في المركز المالي الآسيوي.

جاء ذلك بعدما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية نصيحة للشركات العاملة في هونج كونج، تحذرها من "أخطار متزايدة" يشكّلها قانون الأمن القومي على نشاطاتها.

كذلك أعلن بايدن أن الولايات المتحدة ستقدّم "ملاذاً آمناً مؤقتاً" لسكان هونج كونج، يسمح لهم بتمديد إقامتهم على أراضيها.

تايوان

أفادت وكالة "رويترز" بأن بلينكن أغضب بكين قبل أيام، بقوله إن واشنطن وحلفاءها سيتخذون "إجراءً" غير محدد، إذا استخدمت الصين القوة لتغيير الوضع الراهن في تايوان. وردّ وانج يي على الوزير الأميركي، مطالباً واشنطن بأن "تعارض بوضوح وحزم أي سلوك تايواني مؤيّد للاستقلال، إذا أرادت الحفاظ على السلام في مضيق تايوان".

ويتصاعد التوتر بين بكين وواشنطن بشأن تايوان، مع تأكيد مسؤولين صينيين، أبرزهم شي جين بينج، عزمهم على إعادتها إلى السيادة الصينية، بالتزامن مع تكثيف بكين ضغوطها العسكرية على الجزيرة، بما في ذلك تدريبات وتوغل مقاتلات صينية في منطقة الدفاع التايوانية.

وأعلنت تايوان أنها تُعدّ خططاً لمواجهة غزو صيني محتمل، علماً أن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال مارك ميلي، شدد على أن بلاده قادرة على الدفاع عن الجزيرة ضد هجوم صيني. واستدرك أن الولايات المتحدة تحافظ على سياسة "الغموض الاستراتيجي" بشأن موقفها من حماية تايوان.

وكان بايدن أثار إرباكاً، بقوله الشهر الماضي إن واشنطن ستدافع عن تايوان، إذا تعرّضت لهجوم، في تصريحات سارع البيت الأبيض إلى توضيح أنها لا تشكّل تراجعاً عن السياسة الرسمية التي تنتهجها الولايات المتحدة، وتقرّ بسياسة "صين واحدة"، التي بموجبها تعترف واشنطن رسمياً ببكين بدلاً من تايبه.

بحر الصين الجنوبي

وفي موازاة الخلاف بشأن تايوان، تكرّر واشنطن رفضها مزاعم بكين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي. فخلال زيارة إلى فيتنام الصيف الماضي، حضّت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، هانوي على الانضمام إلى الولايات المتحدة في تكثيف ضغوطها على بكين و"تحدي تنمّرها" في البحر المتنازع عليه.

يأتي ذلك بعدما شدد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، خلال زيارة إلى سنغافورة، على أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي "مسرح عمليات يشكّل أولوية" لبلاده، معتبراً أن دعاوى بكين بالسيادة على البحر الجنوبي "بلا أساس، وغير مفيدة".

تحديث الترسانة الصينية

أوردت "وول ستريت جورنال" أن واشنطن قلقة إزاء مواصلة بكين تعزيز جيشها، بما في ذلك اختبار أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت، وخططها لامتلاك أكثر من 1000 رأس نووي بحلول عام 2030. وأشارت إلى معلومات بأن الصين شيّدت نماذج لحاملة طائرات أميركية وسفن حربية أخرى، لاستخدامها في التدريب العسكري.

وأعدّ "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" (مقره واشنطن) تقريراً قبل أيام، أظهر أن الصين تستعد لتدشين حاملة الطائرات الثالثة والأكثر حداثة، خلال فترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر.

يأتي ذلك بعدما كشفت صور التقطتها أقمار اصطناعية، أن الصين تشيّد قواعد تحت الأرض لمنصات إطلاق صواريخ نووية، في ما اعتُبر "توسّعاً هائلاً في ترسانة الأسلحة النووية الصينية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات